للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال يا عين الهجرس أتمدّ رجلك بين يدى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فو الله لولا مجلس رسول الله لانفذت جنبك بهذا الرمح ثم أقبل بوجهه الى النبىّ صلّى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ان كان هذا شيئا أمرك الله به لا بدّ لنا من عمل به أو أمرا تحبه فاصنع ما شئت ما نقول فيه شيئا وان كان غير ذلك فو الله ما نعطيهم الا السيف متى كانوا يطعمون منا شيئا فسكت النبىّ صلّى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا فدعا سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فاستشارهما فيه فقالا مثل ما قال أسيد بن حضير فقالا يا رسول الله أشىء أمرك الله به أم أمر تصنعه لنا قال بل شىء أصنعه لكم والله ما أصنع ذلك الا لانى رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وكايدوكم من كل جانب فأردت أن أكسر عنكم شوكتهم فقال سعد ابن معاذ يا رسول الله قد كنا نحن وهؤلاء القوم على شرك بالله وعبادة الاوثان لا نعرف الله ولا نعبده وهم لا يطمعون أن يأكلوا منا ثمرة الاقرى أو بيعا فحين أكرمنا الله بالاسلام وأعزنا بك نعطيهم أموالنا والله لا نعطيهم الا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم فقال رسول الله فأنت وذلك فتناول سعد الصحيفة وأخذها من عثمان فمحاما فى الكتاب ومزق الكتاب ثم قال ليجتهدوا علينا فرجع عيينة ابن حصن والحارث بن عوف خائبين خاسرين وعلما أن لا يدلهم على المدينة بوجه من الوجوه لما رأوا من اخلاص الانصار واتفاقهم مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ودخل فى أمرهما فتور وتزلزل* وروى ان فوارس من قريش وشجعانهم منهم عمرو بن عبدودّ أخو بنى عامر بن لؤى وعكرمة بن أبى جهل وهبيرة بن أبى وهب المخزوميان ونوفل بن عبد الله وضرار بن الخطاب ومرداس أخو بنى محارب قد تلبسوا يوما للقتال وخرجوا على خيلهم ومرّوا على بنى كنانة وقالوا تهيئوا للحرب يا بنى كنانة فستعلمون اليوم من الفرسان ثم أقبلوا نحو الخندق تعنق بهم خيلهم والجيش على أثرهم حتى وقفوا على الخندق فلما رأوه قالوا والله ان هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها ثم قصدوا مكانا ضيقا من نواحى الخندق فضربوا خيولهم فاقتحمت فيه من تلك الناحية الضيقة فعبروه فجالت بهم خيولهم فى السبخة بين الخندق وسلع وأبو سفيان وخالد بن الوليد وفوج من رؤساء قريش وكنانة وغطفان كانوا مصطفين على الخندق فقال عمرو بن عبدودّ لابى سفيان ما لكم لا تعبرون قال أبو سفيان ان احتيج الى عبورنا نعبر أيضا وكان عمرو بن عبدودّ من مشاهير الابطال وشجعان العرب وكانوا يعدلونه بألف رجل وقد كان قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة فلم يشهد أحدا فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مكانه فجال وطلب المبارزة والاصحاب ساكتون كأنما على رؤسهم الطير لانهم كانوا يعلمون شجاعته*

مبارزة علىّ لعمرو بن عبد ودّ

وفى الاكتفاء ذكر ابن اسحاق فى غير رواية البكائى ان عمرو بن عبدودّ لما نادى يطلب من يبارزه قام علىّ وهو مقنع بالحديد فقال أنا له يا رسول الله فقال له اجلس انه عمرو ثم نادى عمرو وجعل يوبخهم ويقول أين جنتكم التى تزعمون انه من قتل منكم دخلها أفلا تبرزون الىّ رجلا فقام علىّ فقال أنا له يا رسول الله فقال له اجلس انه عمرو ثم نادى الثالثة وقال

ولقد بححت من النداء بجمعكم هل من مبارز ... ووقفت اذ جبن المشجع وقفة الرجل المناجز

وكذاك الثانى لم أزل ... متسرعا نحو الهزاهز

ان الشجاعة فى الفتى ... والجود من خير الغرائز

فقام علىّ وقال أنا له يا رسول الله فقال انه عمرو فقال وان كان عمرا فأذن له رسول الله صلّى الله عليه وسلم فمشى اليه علىّ وهو يقول

لا تعجلنّ فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز

<<  <  ج: ص:  >  >>