* (ذكر بدء الردّة بعد وفاة رسول الله وما كان من تأييد الله لخليفة رسول الله فيها)
* فى الاكتفاء قال ابن اسحاق ولما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم عظمت به مصيبة المسلمين وكانت عائشة فيما بلغنى تقول لما توفى رسول الله ارتدت العرب واشرأبت اليهودية والنصرانية وعم النفاق وصار المسلمون كالغنم المطيرة فى الليلة الشاتية لفقد نبيهم حتى جمعهم الله على أبى بكر فلقد نزل بأبى ما لو نزل بالجبال الراسيات لهاضها* قوله اشرأب اليه مدعينيه لينظر اليه وارتفع كذا فى القاموس قدور راسية لا تبرح مكانها لعظمها هاض العظم يهيضه كسره بعد الجبور* وذكر ابن هشام عن أبى عبيدة وغيره من أهل العلم ان أكثر أهل مكة لما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم هموا بالرجوع عن الاسلام وأرادوا ذلك حتى خافهم عتاب بن أسيد فتوارى فقام سهيل بن عمرو فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر وفاة رسول الله وقال ان ذلك لم يزد الاسلام الا قوّة فمن رابنا ضربنا عنقه فتراجع الناس وكفوا عما هموا فظهر عتاب بن أسيد وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سهيل بن عمرو لعمر بن الخطاب وقد قال له انزع ثنيتى سهيل بن عمرو بلدغ لسانه فلا يقوم عليك خطيبا أبدا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم انه عسى ان يقوم مقاما لا تذمه فكان هذا المقام المتقدّم هو الذى أراده رسول الله عليه السلام* وفى سيرة مغلطاى ارتدت فى أيامه العرب فأرسل اليهم الجيوش فأبادوا من استمر منهم على كفره وأرسل خالدا الى العراق وعمرو بن العاص الى فلسطين ويزيد بن أبى سفيان وأبا عبيدة وشرحبيل بن حسنة الى الشأم وتوفى أبو بكر مسموما واستخلف عمر* وفى معالم التنزيل لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشر خبر وفاته ارتد عامّة العرب الا أهل مكة والمدينة والبحرين من عبد القيس ومنع بعضهم الزكاة وهمّ أبو بكر بقتالهم فكره ذلك أصحاب رسول الله وقال عمر كيف نقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت ان أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله فاذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم قال له أبو بكر أليس قد قال الا بحقها ومن حقها اقامة الصلاة وايتاء الزكاة والله لو منعونى عقالا* وفى رواية عناقا كانوا يؤدّونه الى رسول الله لقاتلتهم على منعه ولو خذلنى الناس كلهم لجاهدتهم بنفسى فقال عمر بن الخطاب فو الله ما هو الا ان رأيت انّ الله قد شرح صدر أبى بكر للقتال فعرفت انه الحق قال عمر بن الخطاب والله لقد رجح ايمان أبى بكر بايمان هذه الامّة جميعا فى قتال أهل الردّة* قال أبو بكر بن العياش سمعت أبا حصين يقول ما ولد بعد النبيين مولود أفضل من أبى بكر لقد قام مقام نبى من الانبياء فى قتال أهل الردّة* وقال أنس بن مالك كرهت الصحابة قتال مانعى الزكاة وقالوا أهل القبلة فتقلد أبو بكر سيفه وخرج وحده فلم يجدوا بدا من الخروج على أثره وهذا دليل على شجاعة أبى بكر* وقال ابن مسعود كرهنا ذلك فى الابتداء ثم حمدنا عليه فى الانتهاء* وذكر يعقوب ابن محمد الزهرى ان العرب افترقت فى ردّتها فقالت فرقة لو كان نبيا ما مات وقال بعضهم انقضت النبوّة بموته فلا نطيع أحدا بعده* وقال بعضهم نؤمن بالله وقال بعضهم نؤمن بالله ونشهد أن محمدا رسول الله ونصلى ولكن لا نعطيكم أموالنا فأبى أبو بكر الا قتالهم وجادل أبو بكر أصحابه فى جهادهم وكان من أشدّهم عليه عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبى حذيفة وقالوا له احبس جيش أسامة بن زيد فيكون عمارة وأمانا بالمدينة وارفق بالعرب حتى ينفرج هذا الامر فان هذا الامر شديد غوره ومهلكة من غير وجه فلو ان طائفة من العرب ارتدت قلنا قاتل بمن معك ممن ثبت من ارتد وقد أصفقت العرب على الارتداد فهم بين مرتد ومانع صدقة فهو مثل المرتد وبين واقف ينظر ما تصنع أنت وعدوّك قد قدّم رجلا وأخر رجلا وفى المشكاة قال عمر فقلت يا خليفة رسول الله تألف الناس وارفق بهم فقال لى أجبار فى الجاهلية وخوار فى الاسلام قد انقطع الوحى وتم الدين