للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما قضى زيد منها وطرا زوّجناكها* ومات فى دولة عمر رضى الله عنه بحمص الامير البطل الكرّار سيف الله أبو سليمان خالد بن الوليد المخزومى وله ستون سنة ومات على فراشه بعد ما باشر من الحروب العظيمة ولم يبق فى جسده نحو شبر الا وعليه طابع الشهداء وكان يضرب بشجاعته المثل سماه النبىّ صلى الله عليه وسلم سيف الله كذا فى دول الاسلام*

[ترجمة خالد بن الوليد رضى الله عنه]

وفى الصفوة ولما عزل عمر بن الخطاب خالد بن الوليد واستعمل أبا عبيدة بن الجرّاح على الشأم لم يزل خالد مرابطا بحمص حتى مرض فدخل عليه أبو الدرداء عائدا فقال انّ خيلى وسلاحى على ما جعلته عليه فى سبيل الله تعالى ودارى بالمدينة صدقة قد كنت أشهدت عليها عمر بن الخطاب ونعم العون هو على الاسلام وجعلت وصيتى وانفاذ عهدى الى عمر فقدم بالوصية على عمر فقبلها وترحم عليه ومات خالد فقيرا فى بعض قرى حمص على ميل من حمص سنة احدى وعشرين وحكى من غسله انه ما كان فى جسده موضع صحيح من بين ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم* وعن عبد الرحمن بن أبى الزناد عن أبيه انّ خالد بن الوليد لما حضرته الوفاة بكى وقال لقد لقيت كذا وكذا زحفا وما فى جسدى شبر الا وفيه ضربة بسيف أورمية بسهم أو طعنة برمح وها أنا أموت على فراشى حتف أنفى كما يموت العنز فلا نامت أعين الجبناء* وعن شقيق بن سلمة قال لما مات خالد بن الوليد اجتمع نساء بنى المغيرة فى دار خالد يبكين عليه فقيل لعمر انهض فقال عمر ما عليهنّ أن يرقن دموعهنّ على أبى سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقة قال وكيع النقع الشق واللقلقة الصوت ومات فى خلافة عمر العلاء بن الحضرمى رضى الله عنه ولى امرة البحرين للنبىّ صلى الله عليه وسلم ثم للصديق وكان من سادة الصحابة وقد مرّ من أخباره فى خلافة أبى بكر وفى سنة احدى وعشرين فتحت نهاوند فاستشهد أمير الجيش النعمان بن مقرن المزنى وكان من كبار الصحابة كان معه يوم فتح مكة لواء مزينة* واستشهد يومئذ بنهاوند طليحة بن خويلد الاسدى أحد الابطال المذكورين وكان قد أسلم سنة تسع ثم بعد النبى صلى الله عليه وسلم ارتدّ وادّعى النبوّة بأرض نجد وحارب المسلمين مرّات ثم انهزم ولحق بنواحى دمشق ثم أسلم وحج وحسن اسلامه وكان يعدّ بألف فارس لشدّته وبأسه وقد مرّ فى أهل الردّة فى خلافة أبى بكر* ومات قتادة بن النعمان الانصارى من كبار أهل بدر وهو الذى وقعت عينه على خدّه يوم وقعة أحد فأتى النبى صلى الله عليه وسلم فغمز حدقته فردّها الى موضعها فكانت أحسن عينيه وكان من الرماة المذكورين بالمدينة ونزل أمير المؤمنين عمر فى قبره وكان قتادة شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان معه يوم الفتج راية بنى ظفر وتوفى سنة ثلاث وعشرين فى خلافة عمر وهو ابن خمس وستين سنة وصلى عليه عمر*

[(ذكر الخبر عن آخر أمر عمر رضى الله عنه ووفاته)]

* فى الاكتفاء كان عمر رضى الله عنه ملازما للحج فى سنى خلافته كلها وكان من سيرته ان يأخذ عماله بموافاته كل سنة فى موسم الحج ليحجرهم بذلك عن الرعية ويحجر عليهم الظلم ويتعرّف أحوالهم فى قرب وليكون للرّعية وقت معلوم ينهون اليه شكاويهم فيه فلما كانت السنة التى قتل فى منسلخها خرج الى الحج على عادته وآذن لازواج النبىّ صلى الله عليه وسلم فخرجن معه فلما وقف يرمى الجمرة أتاه حجر فوقع على صلعته فأدماه وثمة رجل من بنى لهب قبيلة من الازد تعرف فيها القيافة والزجر فقال اللهبى عند ما أدمى عمر أشعر أمير المؤمنين لا يحج بعدها* ويروى عن عائشة انها حجت مع عمر تلك الحجة وانه لما ارتحل من المحصب أقبل رجل متلثم قالت فقال وانا أسمع أين كان منزل أمير المؤمنين فقال قائل هذا كان منزله فأناخ فى منزل عمر ثم رفع عقيرته يتغنى ويقول

عليك سلام من أمير وباركت ... يد الله فى ذاك الاديم الممزق

فمن يجر أو يركب جناحى نعامة ... ليدرك ما قدّمت بالامس يسبق

<<  <  ج: ص:  >  >>