بأصحابه فصلى على قبره وقال اللهمّ اغفر له وارحمه وارض عنه وقد فعلت وهو أوّل من مات من النقباء وأوّل صلاة على الميت*
(ذكر استقبال أهل المدينة رسول الله صلّى الله عليه وسلم ومكثه بقباء فى بنى عمرو بن عوف وتأسيس مسجد قباء)
* عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت سمع المسلمون بالمدينة بخروج رسول الله صلّى الله عليه وسلم من مكة فكانوا يغدون كل غداة الى الحرّة فينتظرون حتى يردّهم حرّ الظهيرة* قال ابن اسحاق وذلك فى أيام حارّة فانقلبوا يوما بعد ما أطالوا انتظارهم فلما أووا الى بيوتهم أو فى رجل من اليهود على أطم من الآطام لامر ينظر اليه فبصر برسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب فلم يملك اليهودى أن قال بأعلى صوته يا معشر العرب وفى رواية يا بنى قيلة يعنى الانصار هذا جدّكم يعنى حظكم* وفى رواية صاحبكم الذى تنتظرونه* وفى رواية بعث النبىّ صلّى الله عليه وسلم الى الانصار من يخبرهم بقدومه كما سيجىء فثار المسلمون الى السلاح فتلقوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بظهر الحرة فعدل بهم ذات اليمين نحو قباء حتى نزل أعلا المدينة فى حىّ يقال لهم بنو عمرو بن عوف وهم أهل قباء* وفى الوفاء قباء معدود من العالية وكانّ حكمته التفاؤل له ولدينه بالعلو وذلك يوم الاثنين من ربيع الاوّل نهارا عند الاكثر* وفى سيرة أبى محمد عبد الملك بن هشام عن زياد بن عبد الله البكائى عن محمد بن اسحاق المطلبى قال قدم علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يوم الاثنين حين أشتدّ الضحى وكادت الشمس تعتدل لاثنتى عشرة ليلة مضت من ربيع الاوّل وهو التاريخ فيما قال ابن هشام قال ابن اسحاق ورسول الله صلّى الله عليه وسلم ابن ثلاث وخمسين سنة وذلك بعد أن بعثه الله بثلاث عشرة سنة* وفى أسد الغابة كان مقامه بمكة عشر سنين وقيل ثلاث عشرة سنة وقيل خمس عشرة سنة والاكثر ثلاث عشرة سنة وقال ابن الكلبى خرج من الغار أوّل ربيع الاوّل وقدم المدينة لاثنتى عشرة ليلة خلت منه يوم الجمعة* وفى المنتقى تنازع القوم أيهم ينزل عليه فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنزل الليلة على بنى النجار أخوال عبد المطلب لاكرمهم بذلك فلما أصبح غدا حيث أمر* وفى الوفاء روى رزين عن أنس قال كنت اذ قدم رسول الله المدينة ابن تسع سنين فأسمع الغلمان والولائد يقولون جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم فنذهب فلا نرى شيئا حتى جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبو بكر فمكثا فى خرب فى طرف المدينة* وفى رواية فنزلا جانب الحرة فأرسلا رجلا من أهل البادية يؤذن بهما الانصار فاستقبلهما زها خمسمائة من الانصار حتى انتهوا اليهما* وفى خلاصة الوفاء فنزل فى بنى عمرو بن عوف بقباء على كلثوم ابن الهدم وكان يومئذ مشركا وبه جزم ابن زبالة ولرزين نزل فى ظل نخلة ثم انتقل الى دار كلثوم أخى بنى عمرو بن عوف* وفى رواية نزل على سعد بن خيثمة وجه الجمع بين الروايتين أن يقال انه كان نزل على كلثوم بن الهدم ولكن عينوا له مسكنا فى دار سعد بن خيثمة يكون للناس فيه وذلك لان سعدا كان عزبالا أهل له ويسمى منزله منزل الغرباء* قال المطرى وبيت سعد بن خيثمة أحد الدور التى قبلى مسجد قباء وهى التى تلى المسجد فى قبلته يدخلها الناس اذا زاروا مسجد قباء ويصلون فيها وهناك أيضا دار كلثوم بن الهدم وفى تلك العرصة كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم نازلا قبل خروجه الى المدينة وكذلك أهله وأهل أبى بكر حين قدموا بعد خروج رسول الله صلّى الله عليه وسلم من مكة وهنّ سودة وعائشة وأمّها أمّ رومان واختها أسماء وهى حامل بعبد الله بن الزبير فولدته بقباء قبل نزولهم المدينة انتهى ونزل أبو بكر بالسنخ على حبيب بن أساف أحد بنى الحارث بن الخزرج وقيل على خارجة بن زيد بن أبى زهير روى مجمع بن يعقوب عن أبيه وعن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش عن عبد الرحمن بن زيد بن حارثة قالا نزل النبىّ صلّى الله عليه وسلم بظهر حرتنا ثم ركب