وفى هذه السنة وقعت غزوة بنى النضير بفتح النون وكسر الضاد المعجمة قبيلة كبيرة من اليهود فى ربيع الاوّل سنة أربع وذكر ابن اسحاق هناك* قال السهيلى وكان ينبغى أن يذكرها بعد بدر لما روى عقيل بن خالد وغيره عن الزهرى قال كانت غزوة بنى النضير على رأس ستة أشهر من وقعة بدر قبل أحد ورجح الداودى ما قاله ابن اسحاق من أن غزوة بنى النضير بعد بئر معونة كذا فى المواهب اللدنية وكانت منازلهم بناحية الفرع وما يقربها بقرية يقال لها زهرة وكان النبىّ صلّى الله عليه وسلم حين قدم المدينة صالحه بنو النضير على أن لا يقاتلوه ولا يقاتلوا معه* ولما غزا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بدرا وظهر على المشركين قالت بنو النضير والله انه النبىّ الذى وجدنا نعته فى التوراة لا تردّ له راية فلما غزا أحدا وهزم المسلمون ارتابوا وأظهروا العداوة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم والمسلمين ونقضوا العهد الذى كان بينهم وبين رسول الله وركب كعب بن الاشرف فى أربعين من اليهود فأتوا قريشا* ودخل أبو سفيان المسجد الحرام فى أربعين من قريش وكعب فى أربعين من اليهود وأخذ بعضهم على بعض الميثاق بين الاستار والكعبة ثم رجع كعب وأصحابه الى المدينة فنزل جبريل وأخبر النبىّ بما عاقد عليه كعب وأبو سفيان فأمر النبىّ صلّى الله عليه وسلم بقتل كعب بن الاشرف فقتله محمد بن مسلمة* وكان النبىّ صلّى الله عليه وسلم اطلع منهم على خيانة حين اتاهم يستعينهم فى دية الرجلين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمرى فى منصرفه من بئر معونة فهموا بطرح حجر عليه من فوق الحصن فعصمه الله وأخبره بذلك جبريل كما سيجىء الآن كذا فى المدارك ومعالم التنزيل واللفظ له* وفى المنتقى ثم ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم خرج يوم السبت وصلّى فى مسجد قباء ومعه نفر من أصحابه منهم أبو بكر وعمرو على والزبير وطلحة وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير وسعد بن عبادة ثم أتى منازل بنى النضير وكلمهم فى دية الرجلين من بنى سليم اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمرى ويستعينهم فى عقلهما وكانوا قد عاهدوا النبى صلّى الله عليه وسلم على ترك القتال وعلى أن يعينوه فى الديات كما مرّ وكان لهم حلف مع بنى عامر قالوا نعم يا أبا القاسم قد آن لك أن تأتينا وتسألنا حاجة اجلس حتى نطعمك ونعطيك الذى تسألنا فجلس رسول الله الى حدار يهودى وجلس أصحابه فهمّ اليهودى بالغدر فخلا بعض الى بعض قالوا انكم لن تجدوا محمدا أقرب منه الآن فمن يظهر على هذا البيت ويطرح عليه صخرة فيريحنا منه فقال عمرو بن جحاش انا قيل كان ذلك باشارة من حيى بن أخطب فقال سلام بن مشكم لا تفعلوا والله ليخبرن بما هممتم به فجاء عمرو بن جحاش الى رحى عظيمة ليطرحها عليه فأمسك الله يده وعصمه وجاء جبريل فأخبره فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم راجعا الى المدينة ثم دعا عليا وقال لا تبرح مقامك فمن خرج عليك من أصحابى فسألك عنى فقل توجه الى المدينة ففعل ذلك علىّ حتى انصبوا اليه ثم تبعوه ولحقوا به كذا فى المنتقى* وفى الاكتفاء خرج راجعا الى المدينة وترك أصحابه فى مجلسهم فلما استلبث النبى أصحابه قاموا فى طلبه فلقوا رجلا مقبلا من المدينة فسألوه عنه فقال لقيته داخلا المدينة فأقبلوا حتى انتهوا اليه فقالوا قمت ولم تشعرنا يا رسول الله فقال همت يهود بالغدر فأخبرنى الله بذلك فقمت* وبعث اليهم رسول الله محمد بن مسلمة أن اخرجوا من بلدتى ولا تساكنونى وقد هممتم بما هممتم به وقد أجلتكم عشرا فمن رؤى منكم بعد ذلك ضربت عنقه فمكثوا أياما يتجهزون وتكاروا من اناس ابلا وأرسل اليهم عبد الله بن أبىّ ابن سلول لا تخرجوا وأقيموا فان معى ألفين من قومى وغيرهم يدخلون حصونكم فيموتون عن آخرهم معكم وتمدّكم قريظة وحلفاؤكم من غطفان فطمع حيى بن أخطب فيما قاله ابن أبىّ ابن سلول فأرسلوا الى رسول الله صلّى الله عليه وسلم انا لا نخرج فاصنع ما بدا لك فكبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكبر المسلمون لتكبيره