والحراب وقالوا لهم ان هذا الرجل قتل آباءكم فطعنوه بالحراب والرماح فتحرّك خبيب على الخشبة فانقلب وجهه الى الكعبة فقال الحمد لله الذى جعل وجهى نحو قبلته التى رضى لنفسه ولنبيه وللمؤمنين* وفى الكشاف صلبه أهل مكة وجعلوا وجهه الى المدينة فقال اللهم ان كان لى عندك خير فحوّل وجهى نحو قبلتك فحوّل الله وجهه نحوها فلم يستطع أحد أن يحوّله فقام اليه أبو سروعة عقبة بن الحارث فطعنه فى صدره حتى أنفذ من ظهره فعاش ساعة وبه رمق فأقر فيها بالتوحيد وبنبوّة محمد صلى الله عليه وسلم ثم مات رضى الله عنه وله كرامات كثيرة يطول الكتاب بذكرها ثم أسلم أبو سروعة وروى الحديث وله فى صحيح البخارى ثلاثة أحاديث ثم أتى بزيد بن الدثنة الى الخشبة فاقتدى بخبيب فصلى ركعتين فحملوه على الخشبة وقالوا له مثل ما قالوا لخبيب من الرجوع عن الدين والتخويف بالقتل فأجابهم بمثل ما أجابهم خبيب* وفى الصفوة وحضر نفر من قريش فيهم أبو سفيان فقال قائل يا زيد أنشدك الله أتحب أنك الآن فى أهلك ومالك وأن محمدا عندنا مكانك ويقال ان الذى قال ذلك لزيد أبو سفيان قال والله ما أحب أن محمدا يشاك فى مكانه شوكة تؤذيه وأنا جالس فى أهلى فقال ابو سفيان والله ما رأيت من قوم قط أشدّ حبا لصاحبهم من أصحاب محمد له* وفى رواية قال ابو سفيان ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا فقتله نسطاس بكسر النون عبد صفوان بن أمية وقد مرّ مثل هذا الخبيب* روى ان اللحيانيين ذهبوا الى سلافة بنت سعيد لطلب الابل المائة التى جعلتها على قتل عاصم فأبت وقالت جعلتها لمن يأتينى برأسه أو رأس واحد ممن قتل ابنى وما أتيتم به فرجعوا خائبين خاسرين وروى أن المشركين تركوا خبيبا على الخشبة ليراه الوارد والصادر فيذهب بخبره الى الاطراف ولما بلغ النبى صلّى الله عليه وسلم الخبر قال أيكم يختزل خبيبا عن خشبته وله الجنة قال الزبير بن العوّام أنا يا رسول الله وصاحبى المقداد بن الاسود فخرجا من المدينة يمشيان ويسيران بالليل ويكمنان بالنهار حتى أتيا التنعيم ليلا واذا حول الخشبة أربعون من المشركين نيام نشاوى فأنزلاه فاذا هو رطب يتثنى لم يتغير منه شئ بعد أربعين يوما ويده على جراحته وهى تبض دما اللون لون الدم والريح ريح المسك فحمله الزبير على فرسه وسارا فانتبه الكفار وقد فقدوا خبيبا فأخبروا قريشا فركب منهم سبعون رجلا فلما لحقوا بهما قذف الزبير خبيبا فابتلعته الارض فسمى بليع الارض فقال الزبير ما جرّأكم علينا يا معشر قريش ثم رفع العمامة عن رأسه فقال أنا الزبير بن العوام وأمى صفية بنت عبد المطلب وصاحبى المقداد بن الاسود أسدان رابضان حاميان حافظان يدفعان عن شبلهما فان شئتم ناضلتكم وان شئتم نازلتكم وان شئتم انصرفتم فانصرفوا الى مكة وقدما على رسول الله صلّى الله عليه وسلم وجبريل عنده فقال يا محمد ان الملائكة تباهى بهذين من أصحابك فنزل فيهما ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله الآية وقيل نزلت فى علىّ حين نام على فراش رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليلة الغار كما مرّ فى معالم التنزيل* وقال الاكثرون نزلت فى صهيب بن سنان الرومى أخذه المشركون فى رهط من المؤمنين يعذبونه فقال لهم صهيب انى شيخ كبير لا يضركم أمنكم كنت أو من غيركم فهل لكم أن تأخذوا مالى وتذرونى ودينى ففعلوا* وفى الصفوة عن عمرو بن امية الضمرى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه وحده عينا الى قريش قال فجئت الى خشبة خبيب وأنا أتخوّف العيون فرقيت فيها فحللت خبيبا فوقع الى الارض فانتبذت عنه بعيدا ثم التفت فلم أرخبيبا ولكأنما ابتلعته الارض فلم ير لخبيب أثر حتى الساعة*
[بعث عمرو بن أمية الى أبى سفيان بن حرب]
وفى هذه السنة كان بعث عمرو بن أمية الضمرى الى أبى سفيان بن حرب بمكة* فى الاكتفاء بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمرى بعد مقتل خبيب وأصحابه الى مكة وأورد فى المواهب اللدنية وسيرة مغلطاى بعث عمرو بن أمية فى السنة السادسة