فانى بحمد الله فى خير أسرة ... كرام معدّ كابرا بعد كابر
فانطلقوا وأعلموا أباه ووصفوا له مكانه وعند من هو فخرج حارثة وكعب ابنا شرحبيل بفدائه فقد ما مكة وسألا عن النبىّ صلى الله عليه وسلم فقيل هو فى المسجد فدخلا عليه فقالا يا ابن هاشم يا ابن سيد قومه أنتم أهل حرم الله وجيرانه تفكون العانى وتطعمون الاسير جئناك فى ابننا عندك فامنن علينا وأحسن الينا فى فدائه فاننا سنرفع لك فى الفداء قال ما هو قالوا زيد بن حارثة فقال صلى الله عليه وسلم هلا غير ذلك فقالوا ما هو قال ادعوه وخيروه فان اختاركم فهو لكما بغير فداء وان اختارنى فو الله ما أنا بالذى أختار على من اختارنى أحدا قالوا لقد زدتنا على النصفة وأحسنت فدعاه فقال له هل تعرف هؤلاء فقال نعم هذا أبى وهذا عمى فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم فأنا من قد علمت وقد رأيت صحبتى لك فاخترنى أو اخترهما فقال زيد ما أنا بالذى اختار عليك أحدا أبدا أنت منى بمكان الاب والعم فقالا ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك قال نعم انى قد رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذى أختار عليه أحدا أبدا فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه الى الحجر فقال يا من حضر اشهدوا انّ زيدا ابنى أرثه ويرثنى فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت أنفسهما وانصرفا فدعى بزيد بن محمد حتى أتى الله بالاسلام فزوّجه النبىّ صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش فلما طلقها تزوّجها النبىّ صلى الله عليه وسلم فتكلم المنافقون فى ذلك وقالوا تزوّج امرأة ابنه فنزلت هذه الاية قوله تعالى ما كان محمد أبا أحد من رجالكم الاية وقال ادعوهم لابائهم فدعى يومئذ بزيد بن حارثة كذا فى الصفوة* روى ان زيدا تزوّج أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط فولدت له ثم طلقها وتزوّج درّة ابنة أبى لهب ثم طلقها وتزوّج هند بنت العوّام أخت الزبير ثم زوّجه النبىّ صلى الله عليه وسلم أمّ أيمن فولدت له أسامة* قال الزهرى أوّل من أسلم زيد قال أهل السير شهد زيد بدرا وأحدا والخندق والحديبية وخيبر واستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة حين خرج الى المريسيع وخرج أميرا فى سبع سرايا ولم يسم أحد من أصحابه صلى الله عليه وسلم باسمه فى القرآن غيره وكان له من الولد زيد فهلك صغيرا ورقية أمّها أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط وأسامة وأمه أمّ أيمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل زيد فى غزوة مؤتة فى جمادى الاولى سنة ثمان من الهجرة وهو ابن خمس وخمسين سنة وعن خالد بن الوليد قال لما أصيب زيد بن حارثة أتاهم النبى صلى الله عليه وسلم فجهشت بنت زيد فى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتحب* النحيب رفع الصوت بالبكاء كذا فى الصحاح فقال له سعد بن عبادة يا رسول الله ما هذا قال هذا شوق الحبيب الى حبيبه كذا فى الصفوة*
[(ذكر جعفر بن أبى طالب)]
* كان أسن من علىّ بعشر سنين وكان أسلم قديما بمكة قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الارقم وهاجر الى الحبشة فى الهجرة الثانية مع امرأته أسماء بنت عميس فولدت له هناك عبد الله وبه كان يكنى ومحمدا وعونا فلم يزل هناك حتى قدم على النبىّ صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر سنة سبع فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم ما أدرى بأيهما أفرح بقدوم جعفر أم بفتح خيبر كذا فى الصفوة* وفى ذخائر العقبى أشدّ فرحا بدل أفرح وقال ثم التزمه وقبله بين عينيه خرجه البغوى فى معجمه* وعن جابر قال لما قدم جعفر بن أبى طالب من أرض الحبشة تلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما نظر جعفر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم حجل وقال سفين أى مشى على رجل واحدة اعظاما منه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله النبىّ صلى الله عليه وسلم بين عينيه وأعطاه وامرأته أسماء بنت عميس من غنائم خيبر وقال له أشبهت خلقى وخلقى* وعن أبى هريرة قال كان جعفر يحب المساكين ويجلس اليهم ويحدّثهم ويحدّثونه وكان