للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان الله أمكنه من رقابهم عنوة فلذلك تسمى اهل مكة الطلقاء أى الذين أطلقوا فلم يسترقوا ولم يؤسروا والطليق هو الاسير اذا أطلق قال ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المسجد فقام اليه علىّ بن أبى طالب ومفتاح الكعبة فى يده فقال يا رسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين عثمان بن طلحة فدعى له فقال هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم برّ ووفاء وقال لعلىّ فيما حكى ابن هشام انما أعطيكم ما تزرؤن لا ما ترزؤن* وفى البحر العميق دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح فقبض السقاية من العباس بن عبد المطلب والحجابة من عثمان بن طلحة فقام العباس بن عبد المطلب فبسط يده وقال يا رسول الله بأبى أنت وأمى اجمع لى الحجابة مع السقاية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيكم ما تزرؤن فيه لا ما ترزؤن منه قال أبو على معناه أنا أعطيكم ما تتموّنون على السقاية التى تحتاج الى مؤن أى فأنتم ترزؤن بضم التاء وسكون الراء المهملة قبل الزاى المعجمة المفتوحة من الرزء بالضم وهو النقص أى يرزؤكم الناس أى ينقصونكم بالاخذ لتموينكم اياهم بتموين السقاية المعدّة لهم وأما السدانة فيرزؤ بها الناس بالبعث اليها أى بعث كسوة البيت أى لا يليق أن ترزؤا بفتح التاء وسكون الراء المهملة قبل المعجمة أى تنقصوا الناس بأخذ أموالهم والتعرّض لذلك لشرفكم وقيل معنى ترزؤن فيه بضم المثناة أى تصيبون فيه الخير بصرف أموالكم فى موّنات زمزم ومعنى ما تزرؤن منه بفتح المثناة أى تستجلبون به الاموال أى تأخذون منه أموال الناس كالحجابة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عضادتى باب الكعبة فقال ألا ان كل دم أو مأثرة كانت فى الجاهلية فهى تحت قدمىّ هاتين الا السقاية وسدانة الكعبة فانى قد أمضيتهما لاهلهما على ما كانت فى الجاهلية فقبضها العباس وكانت فى يده حتى توفى فوليها بعده عبد الله بن عباس فكان يفعل فيها كفعله دون بنى عبد المطلب وكان محمد بن الحنفية قد كلم فيها ابن عباس فقال له ابن عباس مالك ولها نحن أولى بها فى الجاهلية والاسلام وقد كان أبوك تكلم فيها فأقمت البينة طلحة بن عبيد الله وعامر بن ربيعة وأزهر ابن عبد عوف ومخرمة بن نوفل ان العباس بن عبد المطلب كان يليها فى الجاهلية بعد عبد المطلب وجدك أبو طالب فى ابله فى باديته بعرفة وان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها العباس يوم الفتح دون بنى عبد المطلب فعرف ذلك من حضر وكانت بيد عبد الله بن عباس بتولية رسول الله صلى الله عليه وسلم دون غيره لا ينازعه فيها منازع ولا يتكلم فيها متكلم حتى توفى فكانت فى يد علىّ بن عبد الله بن عباس يفعل فيها كفعل أبيه وجدّه ويأتيه الزبيب من ماله بالطائف وينبذه حتى توفى فكانت فى يد ولده حتى الان قال الازرقى كان لزمزم حوضان حوض بينها وبين الركن يشرب منه وحوض من ورائها للوضوء له سرب يذهب فيه الماء* وذكر ابن عقبة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قضى طوافه نزل فأخرجت الراحلة فركع ركعتين ثم انصرف الى زمزم فاطلع فيها وقال لولا أن تغلب بنو عبد المطلب على سقايتهم لنزعت منها بيدى تم انصرف الى ناحية المسجد قريبا من مقام ابراهيم وكان المقام لا صقا بالكعبة فأخره رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا صلى الله عليه وسلم بسجل من ماء فشرب وتوضأ والمسلمون يبتدرون وضوءه ويصبونه على وجوههم والمشركون ينظرون اليهم ويتعجبون ويقولون ما رأينا ملكا قط بلغ هذا ولا سمعنا به*

[ذكر الاصنام التى كانت فى البيت]

وذكر ابن هشام أيضا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل البيت يوم الفتح فرأى فيه صور الملائكة وغيرهم فرأى ابراهيم مصورا فى يده الازلام يستقسم بها فقال قاتلهم الله جعلوا شيخنا يستقسم بالازلام ما شأن ابراهيم والازلام ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثم أمر بتلك الصور كلها فطمست

<<  <  ج: ص:  >  >>