للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قالت كل حىّ ميت وكل جديد بال وكل كبير يفنى وأنا ميتة وذكرى باق وقد تركت خيرا وولدت طهرا ثم ماتت قالت فكنا نصمع نوح الجنّ عليها فحفظنا من ذلك هذه الابيات

نبكى الفتاة البرّة الامينة ... ذات الجمال العفة الرزينة

زوجة عبد الله والقرينة ... امّ نبى الله ذى السكينة

وصاحب المنبر بالمدينة ... صارت لدى حفرتها رهينة

احياء أبويه صلّى الله عليه وسلم

وفى الحدائق لابن الجوزى لما مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالابواء في عمرة الحديبية وفى المنتقى وغيره فى غزوة بنى لحيان قال ان الله قد أذن لمحمد فى قبر أمّه فأتاه فأصلحه وبكى عنده وبكى المسلمون لبكائه فقيل له فى ذلك فقال أدركتنى رحمة رحمتها فبكيت وأخرج مسلم فى افراده من حديث أبى هريرة عن النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال استأذنت ربى أن أستغفر لامى فلم يأذن لى واستأذنته ان أزور قبرها فأذن لى وسيجىء فى الموطن السادس* وفى الاستيعاب استرضع له صلّى الله عليه وسلم فى بنى سعد بن بكر حليمة بنت أبى ذؤيب السعدية وردّته ظئره حليمة الى أمّه آمنة بنت وهب بعد خمس سنين ويومين من مولده وذلك سنة ست من عام الفيل فأخرجته أمّه الى أخوال أبيه بنى النجار تزورهم به بعد سبع سنين من عام الفيل وتوفيت أمّه بعد ذلك بشهر بالابواء ومعها النبىّ صلّى الله عليه وسلم فقدمت به أمّ أيمن مكة بعد موت أمّه بخمسة أيام روى أنها آمنت بالنبىّ صلّى الله عليه وسلم بعد موتها* قال الشيخ جلال الدين السيوطى فى رسالته المسماة بالدرجة المنيفة فى الآباء الشريفة وذهب جمع كثير من الائمة الاعلام الى ان أبوى النبىّ صلّى الله عليه وسلم ناجيان محكوم لهما بالنجاة فى الآخرة وهم أعلم الناس بأقوال من خالفهم وقال بغير ذلك ولا يقصرون عنهم فى الدرجة ومن أحفظ الناس للاحاديث والآثار وانقد الناس بالادلة التى استدل بها أولئك فانهم جامعون لانواع العلوم ومتضلعون من الفنون خصوصا الاربعة التى استمدّ منها هذه المسألة فانها مبنية على ثلاث قواعد كلامية وأصولية وفقهية وقاعدة رابعة مشتركة بين الحديث واصول الفقه مع ما يحتاج اليه من سعة الحفظ فى الحديث وصحة النقل له وطول الباع فى الاطلاع على ما تقول الائمة وجمع متفرّقات كلامهم فلا يظنّ بهم انهم لم يقفوا على الاحاديث التى استدل بها أولئك معاذ الله بل وقفوا عليها وخاضوا غمرتها وأجابوا عنها بالاجوبة المرضية التى لا يردّها منصف وأقاموا لما ذهبوا اليه ادلة قاطعة كالجبال الرواسى والفريقان أئمة أكابر أجلاء* واختلف القائلون بالنجاة فى مدرك ذلك على ثلاث درجات الدرجة الاولى ان الله تعالى أحياهما له فآمنا به وذلك فى حجة الوداع لحديث فى ذلك ورد عن عائشة روى المحب الطبرى فى ذخائر العقبى بسنده عن عائشة رضى الله عنها انها قالت ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم نزل الحجون كئيبا حزينا فأقام به ما شاء الله ثم رجع مسرورا قال سألت ربى فأحيالى أمى فآمنت بى ثم ردّها ورواه أبو حفص بن شاهين فى كتاب الناسخ والمنسوخ له بلفظ قالت عائشة حج بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم حجة الوداع فمرّ بى على عقبة الحجون وهو باك حزين مغتمّ فبكيت لبكائه ثم انه نزل فقال يا حميراء استمسكى فاستندت الى جنب البعير فمكث مليا ثم عاد الىّ وهو متبسم فقال ذهبت لقبر أمى فسألت ربى أن يحيها فأحياها فآمنت بى وكذا روى من حديث عائشة أيضا أحيا الله أبويه حتى آمنا به أورده السهيلى فى شرح السيرة والخطيب فى السابق واللاحق وابن شاهين فى الناسخ والمنسوخ والدارقطنى وابن عساكر كلاهما فى غرائب مالك والبغوى فى تفسيره والمحب الطبرى فى خلاصة السير وأورده البيهقى فى الروض الانف من وجه آخر بلفظ واسناده ضعيف وقد مال اليه ابن شاهين والطبرى والسهيلى وكذا القرطبى وابن المنذر ونقله ابن سيد الناس عن بعض أهل العلم وقال به الصلاح الصفدى فى نظم له والحافظ

<<  <  ج: ص:  >  >>