من أمر النبوّة فاستوى جالسا وقال قد سألت يا أبا هريرة انى لفى صحراء ابن عشر سنين وأشهر واذا بكلام فوق رأسى فاذا برجل يقول لرجل هو هو فاستقبلانى بوجوه لم أرها لخلق قط وأرواح لم أجدها من خلق قط وثياب لم أرها على خلق قط فأقبلا الىّ يمشيان حتى أخذ كل واحد منهما بعضدى لا أجد لاحدهما مسا فقال أحدهما لصاحبه اضجعه فأضجعانى بلا قصر ولا هصر فقال أحدهما لصاحبه افلق صدره فنجد أحدهما الى صدرى ففلقه فيما أرى بلا دم ولا وجع فقال له أخرج الغل والحسد فأخرج شيئا كرضة العلقة ثم نبذها فقال له أدخل الرأفة والرحمة فاذا مثل الذى اخرج شبه الفضة ثم هز ابهام رجلى فقال اعد واسلم فرجعت أعدو رأفة على الصغير ورحمة على الكبير والله أعلم
* (الباب الثانى فى الحوادث من السنة الثانية عشر الى السنة الرابعة والعشرين من مولده صلّى الله عليه وسلم
من ارتحال أبى طالب معه الى الشام وذكر رعيه الغنم والفجار الثانى وعزم الزبير ابن عبد المطلب أو العباس لسفر اليمن وخلع هرمز من السلطنة وقتل هرمز وتولى كسرى برويز السلطنة والفجار الثانى عند البعض وولادة عمر بن الخطاب وصحبته صلّى الله عليه وسلم مع أبى بكر يريد ان الشام وحلف الفضول وشكايته الى عمه أبى طالب من آت يأتيه منذ ليال وهدم الكعبة وبنائها عند بعض العلماء) *
[* خروجه عليه السلام مع أبى طالب الى الشام]
ومن حوادث السنة الثانية عشر من مولده عليه السلام ارتحال أبى طالب معه الى الشام* فى حياة الحيوان خرج أبو طالب معه الى الشام وهو ابن اثنتى عشرة سنة* وفى المواهب اللدنية ولما بلغ رسول الله صلّى الله عليه وسلم اثنتى عشرة سنة خرج مع عمه أبى طالب الى الشام* وقال ابن الاثير فى أسد الغابة انّ أبا طالب سار الى الشام وأخذ معه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكان عمره اثنتى عشرة سنة وقيل تسع سنين والاوّل أكثر* وفى الصفوة قال أهل السير والتواريخ لما أتت على رسول الله صلّى الله عليه وسلم اثنتا عشرة سنة وشهران وعشرة أيام* وفى سيرة مغلطاى وشهر وقيل لعشر خلون من ربيع الاوّل سنة ثلاث عشرة من الفيل ارتحل به أبو طالب الى الشام وكذا فى سيرة اليعمرى فيكون خروجه على هذا فى السنة الثالثة عشر وكان أبو طالب لم يرد أن يذهب به معه لكن لما تهيأ للرحيل وأجمع للسيرهب له رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخذ بزمام ناقته وقال يا عم الى من تكلنى لا أب لى ولا أم فرق له أبو طالب فقال والله لأخرجن به معى ولا يفارقنى ولا أفارقه أبدا فخرج به معه وذلك فى المرة الاولى فسار الركب حتى نزلوا قرية من قرى الشام يقال لها كفر ومنها الى بصرى ستة أميال أو ثمانية وكان يسكنها راهب يقال له بحيرا بفتح الموحدة وكسر المهملة وسكون التحتية آخره راء مقصورة قاله الذهبى رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلم قبل البعث وآمن به ذكره ابن منده وأبو نعيم فى الصحابة* وقال السهيلى وقع فى سيرة الزهرى انه كان حبرا من يهودتيما* وفى المسعودى انه كان من عبد القيس واسمه جرجيس ويكون فى صومعة له ولذا اشتهرت تلك القرية بدير بحيرا وكان ذا علم فى النصرانية ولم يزل فى تلك الصومعة راهب من علماء النصارى يصير اليه علمهم عن كتاب يدرسونه فيما يزعمون يتوارثونها كابرا عن كابر فلما نزلوا ببحير انزلوا منزلا قريبا من صومعته قد كانوا ينزلونه قبل ذلك كلما مرّوا به ولا يكلمهم بحيرا حتى اذا كان ذلك العام ونزلوه صنع لهم طعاما ثم دعاهم وانما حمله على دعائهم انه رأى حين طلعوا على تلك الاماكن غمامة تظل رسول الله صلّى الله عليه وسلم من بين القوم حتى نزلوا تحت الشجرة ثم نظر الى تلك الغمامة أظلت تلك الشجرة وأخصت أغصان تلك الشجرة على النبىّ صلّى الله عليه وسلم حين استظل تحتها فلما رأى بحيرا ذلك نزل من صومعته وأمر بالطعام فأرسل اليهم فقال صنعت لكم طعاما يا معشر قريش