وأنا أحب أن تحضروه كلكم ولا يتخلف منكم صغير ولا كبير ولا حر ولا عبد فانّ هذا شىء تكرموننى به فقال رجل ان لك لشأنا يا بحيرا ما كنت تصنع بنا هذا قبل فما شأنك اليوم فقال انى أحببت أن أكرمكم فلكم حق علىّ فاجتمعوا اليه وتخلف رسول الله صلّى الله عليه وسلم من بين القوم فى رحالهم تحت الشجرة لحداثة سنه اذ ليس فى القوم أصغر منه فلما نظر بحيرا الى القوم ولم ير الصفة التى يعرفها ويجدها عنده وجعل ينظر فلا يرى الغمامة على أحد من القوم ويراها متخلفة فوق الشجرة على رأس رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال يا معشر قريش فلا يتخلفن أحد منكم عن طعامى قالوا ما تخلف أحد الاغلام هو أحدث القوم سنا فى الرحال فقال ادعوه فليحضر طعامى فما أقبح أن تحضروا ويتخلف رجل واحد منكم مع انى أراه من أنفسكم فقال القوم هو والله من أوسطنا نسبا وهو ابن أخى هذا الرجل يعنون أبا طالب وهو من ولد عبد المطلب فقام الحارث بن عبد المطلب فقال والله ان كان من اللؤم أن يتخلف ابن عبد المطلب من بيننا ثم احتضنه الحارث وأقبل به حتى أجلسه على الطعام والغمامة تسير على رأسه وجعل بحيرا يلحظه لحظا شديدا وينظر الى أشياء فى جسده قد كان يجدها عنده فى صفته فلما تفرّقوا عن الطعام قام اليه الراهب فقال يا غلام أسألك بحق اللات والعزى الا أخبرتنى عما أسألك فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لا تسألنى باللات والعزى فو الله ما أبغضت شيئا بغضهما قال بالله الا أخبرتنى عما أسألك عنه قال سلنى عما بدالك فجعل يسأله عن أشياء من حاله حتى نومه فجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم يخبره فيوافق ذلك ما عنده ثم جعل ينظر بين عينيه ثم كشف عن ظهره فرأى خاتم النبوّة بين كتفيه على الصفة التى عنده فقبل موضع الخاتم قالت قريش ان لمحمد عند الراهب لقدرا وجعل أبو طالب يخاف على ابن أخيه لما يرى من الراهب قال الراهب لابى طالب ما هذا الغلام منك قال ابنى قال ما هو ابنك وما ينبغى لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا قال ابن أخى قال فما فعل أبوه قال هلك وأمّه حبلى قال فما فعلت أمّه قال توفيت قريبا قال صدقت ارجع بابن أخيك الى بلده واحذر عليه اليهود فو الله لئن رأوه وعرفوا منه ما أعرف ليقصدنّ قتله فانه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم نجده فى كتبنا وما روينا عن آبائنا واعلم انى قد أدّيت اليك النصيحة فلما فرغوا من تجارتهم خرج به سريعا وكان رجال من اليهود قد رأوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعرفوا صفته فأرادوا أن يغتالوه فذهبوا الى بحيرا فذاكروه أمره فنهاهم أشد النهى وقال لهم أتجدون صفته قالوا نعم قال فما لكم اليه سبيل فصدّقوه وتركوه ورجع أبو طالب الى مكة سالما فما خرج به سفرا بعد ذلك خوفا عليه كذا فى المنتقى* وفى المشكاة عن أبى موسى قال خرج أبو طالب الى الشام وخرج معه النبىّ صلّى الله عليه وسلم فى أشياخ من قريش فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فحلوا رحالهم وهبط اليهم الراهب وكانوا قبل ذلك يمرّون به فلا يخرج اليهم قال فهم يحلون رحالهم فجعل يتخللهم الراهب حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال هذا سيد العالمين هذا رسول رب العالمين يبعثه رحمة للعالمين فقال له أشياخ قريش ما علمك فقال انكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر الا خرّ ساجدا ولا يسجدان الا لنبىّ وانى أعرفه بخاتم النبوّة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة ثم رجع وصنع لهم طعاما فلما أتاهم به وكان هو فى رعية الابل فقال ارسلوا اليه فأقبل وعليه غمامة تظله فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوا الى فىء شجرة فلما جلس مال فىء الشجرة عليه فقال انظروا الى فىء الشجرة مال عليه فقال أنشدكم بالله أيكم وليه قالوا ابو طالب فلم يزل يناشده حتى ردّه أبو طالب وبعث معه أبو بكر بلالا وزوّده الراهب من الكعك والزيت رواه الترمذى* وفى حياة الحيوان قال الحافظ الدمياطى وفى الحديث وهم فى قوله بعث