للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان الوليد عند أهل الشام من أفضل خلفائهم بنى المساجد بدمشق وأعطى الناس وفرض للمجذومين وقال لا تسألوا الناس وأعطى كل مقعد خادما وكل أعمى قائدا وكان يبر حملة القرآن ويقضى عنهم ديونهم وبنى الجامع الاموى وهدم كنيسة مريوحنا وزادها فيه وذلك فى القعدة سنة ست وثمانين وتوفى الوليد ولم يتم بناؤه فأتمه سليمان أخوه وكان جملة ما أنفق على بنائه أربعمائة صندوق فى كل صندوق ثمانية وعشرون ألف دينار وكان فيه ستمائة سلسلة ذهب للقناديل وما زالت الى أيام عمر ابن عبد العزيز فجعلها فى بيت المال واتخذ عوضها صفرا وحديدا وبنى الوليد قبة الصخرة ببيت المقدس وبنى المسجد النبوى ووسعه حتى دخلت الحجرة النبوية فيه وله آثار حسنة كثيرة جدّا ومع ذلك روى ان عمر بن عبد العزيز قال لما ألحدت الوليد ارتكض فى أكفانه وغلت يداه الى عنقه نسأل الله العفو والعافية فى الدنيا والاخرة* وفتحت فى أيام خلافة الوليد الفتوحات العظام مثل الهند والسند والاندلس وغير ذلك انتهى وقوله انّ الوليد بنى قبة الصخرة فيه نظر وانما بنى قبة الصخرة عبد الملك بن مروان فى أيام فتنة ابن الزبير لما منع عبد الملك أهل الشام من الحج خوفا من ان يأخذ منهم ابن الزبير البيعة وكان الناس يقفون يوم عرفة بقبة الصخرة الى ان قتل ابن الزبير* وعن ابن خلكان وغيره لعلها تشعثت فهدمها الوليد وبناها والله أعلم*

[غريبة]

وفى مورد اللطافة قال عمر بن عبد الواحد الدمشقى عن عبد الرحمن بن يزيد بن خالد عن أبيه قال خرج الوليد بن عبد الملك من الباب الاصغر فوجد رجلا عند الحائط عند المأذنة الشرقية يأكل وحده فجاء فوقف على رأسه فاذا هو يأكل خبزا وترابا فقال ما شأنك انفردت من الناس فقال أحببت الوحدة فقال فما حملك على أكل التراب أما فى بيت مال المسلمين ما يجرى عليك قال بلى ولكن رأيت القنوع قال فرجع الوليد الى مجلسه ثم أحضره فقال ان لك ذمّة ان تخبرنى به والا ضربت ما فيه عيناك قال نعم كنت جمالا ومعى ثلاثة أجمال موقرة طعاما حتى أتيت مرج الصفر فقعدت فى خرابة أبول فرأيت البول ينصب فى شق فاتبعته حتى كشفته واذا غطاء على حفير فنزلت فاذا مال فأنخت رواحلى وأفرغت طعامى ثم أوقرتها ذهبا وغطيت الموضع فلما سرت غير بعيد وجدت معى مخلاة فيها طعام فقلت انا أترك الكسرة وآخذ الذهب ففرغتها ورجعت لا ملأها فخفى عنى الموضع وأتعبنى الطلب فرجعت الى الجمال فلم أجدها ولم أجد الطعام فاليت على نفسى ان لا آكل شيئا الا الخبز والتراب فقال الوليدكم لك من العيال فذكر عيالا قال يجرى عليك من بيت المال ولا يستعمل فى شئ فان هذا المحروم* قال ابن جابر فذكر لنا أن الابل حملت الى بيت مال المسلمين فاناخت عنده فأخذها أمين الوليد فطرحها فى بيت المال* قال الذهبى هذه الحكاية رواية ثقات قاله الكنانى وفى سنة سبع وثمانين غزا قتيبة الباهلى بناحية بخارى ووقع بينه وبين الترك مصاف عظيم هزمهم ومزقهم وصالح أهل بخارى وولاها قرابته ورجع فوثبوا على متوليها وأخيارهم فقتلوهم فأقبل قتيبة ونازلها وافتتحها بالسيف فقتل وسبى وفيها غزا أخو الخليفة مسلمة فافتتح بالروم قميقم وبحيرة الفرسان* وفى سنة ثمان وثمانين غزا قتيبة بما وراء النهر وافتتح مدينتين صالحا فزحف اليه الترك والصغد وأهل فرغانه وعلى الجميع ابن أخت ملك الصين وكانوا نحو مائتى ألف فالتقاهم قتيبة فهزمهم ونصر الله الاسلام وفيها افتتح مسلمة جرمومة وطوانة من بلاد الروم وبلاد الاندلس وطليطله وحملت اليه مائدة سليمان بن داود عليهما السلام وهى من ذهب وفضة وعليها ثلاثة أطواق من لؤلؤ والتقى الروم فهزمهم فقتل خلقا وغزا مسلمة عمورية من الروم وهزم الكفار* وفى سنة تسع وثمانين غزا قتيبة وردان ثانى مرّة فسال عليه الروم فالتقاهم وهزمهم وقتل وأسر وأوقع بأهل الطالقان بخراسان فقتل منها مقتلة عظيمة وصلب من أهلها صفين مسيرة أربعة فراسخ

<<  <  ج: ص:  >  >>