نحرت عنك وقع علىّ الآن لما رأت فى وجهه من نور النبوّة ورجت أن تحمل بهذا النبىّ الكريم صلّى الله عليه وسلم فقال لها أنا مع أبى ولا أستطيع خلافه ولا فراقه وقيل أجابها بقوله* أما الحرام فالممات دونه* والحلّ لا حلّ فاستبينه* فكيف بالامر الذى تبغينه* يحمى الكريم عرضه ودينه* كما مرّ*
(ذكر حمل آمنة برسول الله صلّى الله عليه وسلم)
* فلما كانت الليلة التى أذن الله عز وجل للنور المحمدى أن يخرج من عبد الله الى آمنة اهتزت الملائكة فرحا وذلك ليلة الجمعة فى شعب أبى طالب عند الجمرة الوسطى كذا فى المنتقى* وفى سيرة اليعمرى حملت به آمنة فى أيام التشريق عند الجمرة الوسطى انتهى وفى المواهب اللدنية زعموا أنه وقع عليها يوم الاثنين أيام منى فى شعب أبى طالب عند الجمرة الوسطى قال أبو أحمد الحاكم كان سنه اذ ذاك ثلاثين سنة وكذا فى سيرة مغلطاى فحملت برسول الله صلّى الله عليه وسلم وأمر الله خازن الجنة أن يفتح أبواب الجنان تعظيما لنور محمد صلّى الله عليه وسلم وهبط جبريل بلوائه الاخضر ونصبه على ظهر الكعبة* وفى المواهب اللدنية ولما حملت آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم ظهر لحمله عجائب ووجد لايجاده غرائب فذكروا أنه لما استقرّت نطفته الزكية ودرّته المحمدية فى صدفة آمنة القرشية نودى فى الملكوت ومعالم الجبروت أن عطروا جوامع القدس الاسنى وبخروا جهات الشرف الاعلى وافرشوا سجادات العبادات فى صفف الصفاء لصوفية الملائكة المقرّبين أهل الصدق والوفاء فقد انتقل النور المكنون الى بطن آمنة ذات العقل الباهر والفخر المصون قد خصها الله تعالى القريب المجيب بهذا الصدر المصطفى الحبيب لانها أفضل قومها حسبا وأنجب وأزكاهم أصلا وفرعا وأطيب* وقال سهل بن عبد الله التسترى فيما رواه الخطيب البغدادى الحافظ لما أراد الله خلق محمد صلّى الله عليه وسلم فى بطن أمه آمنة ليلة رجب وكانت ليلة جمعة أمر الله تعالى تلك الليلة خازن الجنان أن يفتح الفردوس ونادى مناد فى السموات والارض ألا انّ النور المخزون الذى يكون منه النبىّ الهادى فى هذه الليلة يستقرّ فى بطن أمّه الذى فيه يتمّ خلقه ويخرج الى الناس بشيرا ونذيرا* وفى رواية كعب الاحبار أنه نودى تلك الليلة فى السماء وصفاحها والارض وبقاعها أن النور المكنون الذى منه رسول الله صلّى الله عليه وسلم يستقرّ الليلة فى بطن أمه فيا طوبى لها ثم يا طوبى لها قوله طوبى الطيب والحسنى والخير والخيرة قاله فى القاموس* وقال غيره فرح وقرّة عين* وقال الضحاك عطية* وقال عكرمة نعم وفى الحديث طوبى لاهل الشام فان الملائكة باسطة أجنحتها عليها فالمراد بها هنا فعلى من الطيب وغيره مما ذكرنا لا الجنة ولا الشجرة ويحتمل أن يفسر بالجنة* فأصبحت يومئذ أصنام الدنيا منكوسة وكانت قريش فى جدب شديد وضيق عظيم فاخضرّت الارض وحملت الاشجار وأتاهم الرفد من كل جانب فسميت تلك السنة التى حمل فيها برسول الله صلّى الله عليه وسلم سنة الفتح والابتهاج وكان قد أذن الله تلك السنة لنساء الدنيا أن يحملن ذكورا كرامة لمحمد صلّى الله عليه وسلم وأصبح عرش ابليس لعنه الله منكوسا والملك على رأسه يغطسه فى مضيق البحار أربعين صباحا فانقلب أسود محترقا* وأخرج أبو نعيم عن ابن عباس قال كان من دلالات حمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم ان كل دابة فى قريش نطقت تلك الليلة باذن الله عز اسمه وقالت حمل بمحمد* وفى رواية برسول الله صلّى الله عليه وسلم ورب الكعبة وهو أمان الارض وسراجها* وفى المواهب اللدنية وهو أمان الدنيا وسراج أهلها ولم تبق كاهنة فى قريش ولا فى قبيلة من قبائل العرب الا علمت بحمله ولم يبق سرير لملك من ملوك الارض الا أصبح منكوسا ومرّت وحوش المشرق الى وحوش المغرب بالبشارات وكذلك أهل البحار يبشر بعضهم بعضا وله فى كل شهر من شهور حمله نداء فى الارض ونداء فى السماء أن ابشروا فقد آن أن