تعدّون قتلى فى الحرام عظيمة ... وأعظم منه لو يرى الرشد راشد
صدودكم عنا بقول محمد ... وكفر به والله راء وشاهد
واخراجكم من مسجد الله أهله ... لئلا يرى لله فى البيت ساجد
فانا وان عيرتمونا بقتله ... وأرجف بالاسلام باغ وحاسد
سقينا من ابن الحضرمى رماحنا ... بنخلة لما أوقد الحرب واقد
دما وابن عبد الله عثمان بيننا ... ينازعه غلّ من القدّ عاند
[تحويل القبلة]
وفى نصف شعبان هذه السنة يوم الثلاثاء كما قاله ابن حبيب الهاشمى حوّلت القبلة من بيت المقدس الى الكعبة وقيل فى رجب وكان عليه السلام يصلى الى بيت المقدس بالمدينة ستة عشر شهرا وقيل سبعة عشر وقيل ثمانية عشر* وقال الحربى قدم عليه السلام المدينة فى ربيع الاوّل فصلى الى بيت المقدس الى تمام السنة وصلّى من سنة اثنتين ستة أشهر ثم حوّلت القبلة ثم فرض صوم رمضان بعد ما حوّلت القبلة الى الكعبة بشهر بل بنصف شهر روى أن النبىّ صلّى الله عليه وسلم كان يصلى بمكة الى الكعبة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشىّ فلما عرج به الى السماء أمر بالصلوات الخمس فصارت ركعتين فى الاوقات غير المغرب للمسافر والمقيم وبعد ما هاجر الى المدينة زيد فى صلاة الحضر وأمر أن يصلى نحو بيت المقدس لئلا تكذبه اليهود لان نعته فى التوراة انه صاحب قبلتين وكانت الكعبة أحب القبلتين اليه فأمره الله تعالى أن يصلى الى الكعبة قال الله تعالى قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام كذا عن ابن عباس* وفى الكشاف وأنوار التنزيل أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يصلى بمكة الى الكعبة ثم أمر بالصلاة الى بيت المقدس بعد الهجرة تألفا لليهود* وعن ابن عباس كانت قبلته بمكة بيت المقدس الا انه كان يجعل الكعبة بينه وبيته انتهى وفى زبدة الاعمال أقام صلّى الله عليه وسلم بمكة بعد نزول جبريل ثلاث عشرة سنة وقيل خمس عشرة سنة وقيل عشرا والصحيح الاوّل وكان يصلى الى بيت المقدس مدّة اقامته بمكة ولا يستدبر الكعبة ويجعلها بين يديه وقال الحافظ ابن حجر فى فتح البارى ظاهر حديث ابن عباس يدل على أن استقبال بيت المقدس انما وقع بعد الهجرة الى المدينة لكن أخرج أحمد من وجه آخر عن ابن عباس كان النبىّ صلى الله عليه وسلم يصلى بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه والجمع بينهما ممكن بأن يكون أمر لما هاجر أن يستمر على الصلاة لبيت المقدس وأخرج الطبرى أيضا من طريق ابن جريج انه أوّل ما صلّى النبىّ صلّى الله عليه وسلم الى الكعبة ثم صرف الى بيت المقدس وهو بمكة فصلى ثلاث حجج ثم هاجر وصلّى بعد قدومه المدينة ستة عشر شهرا ثم وجهه الله الى الكعبة وقوله فى حديث ابن عباس الاوّل أمره الله يردّ من قال انه صلّى الى بيت المقدس باجتهاد وعن أبى العالية انه صلّى الى بيت المقدس يتألف أهل الكتاب وهذا لا ينفى أن يكون بتوقيف كذا فى المواهب اللدنية وعن محمد بن شهاب الزهرى قال لم يبعث الله عز وجل منذ هبط آدم الى الدنيا نبيا الاجعل قبلته صخرة بيت المقدس ولقد صلّى اليها نبينا عليه السلام ستة عشر شهرا* وأورد الغزالى فى الوسيط ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يستقبل الصخرة من بيت المقدس مدّة مقامه بمكة وهى قبلة الانبياء واياها كانت اليهود تستقبل وكان عليه السلام لا يؤثره بأن يستدبر الكعبة فلا يقف الابين الركنين اليمانيين ويستقبل جنوب الصخرة فلما هاجر الى المدينة لم يمكنه استقبالها الا باستدبار الكعبة فشق ذلك عليه فنزلت فولّ وجهك الآية فيكون بعد التحويل وجهه الى موضع الحجر لانه فى مقابل الجدار الذى فيه الركنان اليمانيان ذكره