يتخذه الله خليلا ثم انه وضع السكين على حلقه فلم يحز السكين فشحذه بالحجر مرّتين أو ثلاثا حتى صار كشعلة النار وكل ذلك لم يقطع* وفى أنوار التنزيل روى أنه أمرّ السكين بقوّته على حلقه مرارا فلم يقطع* قال السدّى ضرب الله صفيحة من نحاس على حلقه فقال الابن عند ذلك يا أبت كبنى على وجهى لئلا ترى فىّ تغيرا فتدركك رقة فتحول بينك وبين أمر الله وأنا لا أنظر الى الشفرة فأجزع ففعل ذلك ابراهيم ثم وضع السكين على قفاه فانقلب السكين وكان ذلك عند الصخرة بمنى أوفى الموضع المشرف على مسجده أو المنحر الذى ينحر فيه اليوم ونودى أن يا ابراهيم قد صدّقت الرؤيا فنظر ابراهيم فاذا هو بجبريل ومعه كبش أملح أقرن فقال هذا فداء لابنك فاذبحه دونه فكبر جبريل وكبر الكبش وكبر ابراهيم وكبر ابنه فأخذ ابراهيم الكبش وأتى به المنحر من منى فذبحه* قال أكثر المفسرين كان ذلك الكبش رعى فى الجنة أربعين خريفا وعن ابن عباس الكبش الذى ذبحه ابراهيم هو الذى قرّبه ابن آدم هابيل فتقبل منه قال الحسن ما فدى اسماعيل الابتيس من الاروى* وفى أنوار التنزيل وعلى أهبط عليه من ثبير وروى أنه هرب منه عند الجمرة فرماه بسبع حصيات حتى أخذه فصار سنة*
تزوّج اسماعيل وزيارة أبيه ابراهيم له
وفى الاكتفاء ولما بلغ اسماعيل عليه السلام مبلغ الرجال تزوّج امرأة من العماليق فجاء ابراهيم زائرا لاسماعيل واسماعيل فى ماشيته يرعاها ويخرج متنكبا قوسه فيرمى الصيد مع رعيته فجاء ابراهيم عليه السلام الى منزله فقال السلام عليكم يا أهل البيت فسكتت فلم تردّ الا أن تكون ردّت فى نفسها فقال هل من منزل فقالت لا وهائم الله اذا قال فكيف طعامكم وشرابكم وشاؤكم فذكرت جهدا فقالت أما الطعام فلا طعام وأما الشاة فانما نحلب الشاة بعد الشاة المصرّاة وأما الماء فعلى ما ترى من الغلظ قال فأين رب البيت قالت فى حاجته قال فاذا جاء فأقريه السلام وقولى له غير عتبة بيتك ثم رجع ابراهيم الى منزله وأقبل اسماعيل راجعا الى منزله بعد ذلك بما شاء الله عز وجل فلمّا انتهى الى منزله سأل امرأته هل جاءك أحد فأخبرته بابراهيم وقوله وما قالت له* وفى رواية قالت جاءنى شيخ صفته كذا وكذا كالمستخفة بشأنه ففارقها وأقام ما شاء الله أن يقيم وكانت العماليق هم ولاة الحكم بمكة فضيعوا حرمة الحرم واستحلوا منه أمورا عظاما ونالوا ما لم يكونوا ينالون فقام فيهم رجل منهم يقال له عموق فقال يا قوم أبقوا على أنفسكم فقد رأيتم وسمعتم من أهلك من هذه الامم فلا تفعلوا وتواصلوا ولا تستخفوا بحرم الله عز وجل وموضع بيته فلم يقبلوا ذلك منه وتمادوا فى هلكة أنفسهم ثم ان جرهما وقطورا وهما ابنا عم خرجوا سيارة من اليمن أجدبت البلاد عليهم فساروا بذراريهم وأموالهم فلما قدموا مكة رأوا فيها ماء معينا وشجرا ملتفا ونباتا كثيرا وسعة من البلاد ودفئا فى الشتاء فقالوا ان هذا الموضع يجمع لنا ما نريد فأعجبهم ونزلوا به وكان لا يخرج من اليمن قوم الا ولهم ملك يقيم أمرهم سنة فيهم جروا عليها واعتادوها ولو كانوا نفرا يسيرا فكان مضاض بن عمرو على قومه من جرهم وكان على قطورا السميدع بن هوثر فنزل مضاض بجرهم أعلا مكة وكان حوزهم وجه الكعبة الركن الاسود والمقام وموضع زمزم مصعدا يمينا وشمالا وقيقعان الى أعلا الوادى ونزل السميدع بقطورا أسفل مكة وأجيادا وكان حوزهم ظهر الكعبة والركن اليمانى والغربى والاجيادين والثنية الى الرمضة فلما جازوا ذهبت العماليق الى أن ينازعوهم أمرهم فعلت أيديهم على العماليق وأخرجوهم من الحرم كله فصاروا فى أطرافه لا يدخلونه وجعل مضاض والسميدع يقطعان المنازل لمن ورد عليهما من قومهما فكثروا وأثروا فكان مضاض يعشر كل من دخل مكة من أعلاها والسميدع بعشر كل من دخل من أسفلها وكلّ على قومه لا يدخل أحدهما على صاحبه وكانوا عربا وكان اللسان عربيا ونشأ اسماعيل فيهم وأخذ بلسانهم وتعلم العربية منهم وكان أنفسهم وأعجبهم وكان ابراهيم يزور اسماعيل فلما نظر الى جرهم نظر الى لسان