رسول الله صلى الله عليه وسلم يسميه أبا المساكين ولما قتل بمؤتة أمهل النبىّ صلى الله عليه وسلم آل جعفر أن يأتيهم ثلاثة أيام فندبوا ثم قال لا تبكوا على أخى بعد اليوم وقال ان له جناحين يطير بهما حيث شاء من الجنة* وروى عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أدخلت الجنة البارحة فنظرت فيها فاذا جعفر يطير مع الملائكة* وفى الاكتفاء استشهد يوم مؤتة من المسلمين سوى الامراء الثلاثة رضى الله عنهم من قريش من بنى عدى بن كعب مسعود بن الاسود بن حارثة ومن بنى مالك بن جبل وهب بن سعد بن أبى سرح ومن الانصار عباد بن قيس من بنى الحارث بن الخزرج والحارث بن النعمان بن أساف من بنى غنم بن مالك بن النجار وسراقة بن عمرو بن عطية بن خنساء من بنى مازن بن النجار وأبو كليب ويقال أبو كلاب وجابر ابنا عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول وهما لاب وأمّ وعمرو وعامر ابنا سعد بن الحارث بن عباد من بنى مالك بن أقصى وهؤلاء الاربعة عن ابن هشام
[* سرية عمرو بن العاص الى ذات السلاسل]
وفى جمادى الاخرة من هذه السنة كانت سرية عمرو بن العاص الى ذات السلاسل وسميت بذلك لان المشركين ارتبط بعضهم الى بعض مخافة أن يفروا وقيل لان بها ماء يقال له السلسل وراء ذات القرى من المدينة على عشرة أيام* قال اسماعيل بن أبى خالد هى غزوة لخم وجذام وقال عروة هى بلاد بلى وعذره وبنى القين أو بنى العنبر وقال بعضهم هى موضع معروف بناحية الشام فى أرض بنى عذرة وفى سيرة ابن هشام انه ماء بأرض جذام وبذلك سميت الغزوة ذات السلاسل وكانت فى جمادى الاخرة سنة ثمان وقيل سنة سبع وبه جزم ابن أبى خالد فى كتاب صحيح التاريخ ونقل ابن عساكر الاتفاق على انها كانت بعد غزوة مؤتة الا ان ابن اسحاق قال قبلها* وسببها انه بلغه صلى الله عليه وسلم ان جمعا من قضاعة تجمعوا للاغارة فعقد لواء أبيض وجعل معه راية سوداء وبعثه فى ثلثمائة من سراة المهاجرين والانصار ومعهم ثلاثون فرسا فسار الليل وكمن النهار فلما قرب منهم بلغه ان لهم جمعا كثيرا فبعث رافع بن مكيث الجهنى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمدّه فبعث اليه أبا عبيدة بن الجراح وعقد له لواء وبعث معه مائتين من سراة المهاجرين والانصار فيهم أبو بكر وعمر وأمره أن يلحق بعمرو وأن يكونا جميعا ولا يختلفا فأراد أبو عبيدة أن يؤم الناس فقال عمرو انما قدمت علىّ مددا وأنا الامير فأطاع له بذلك أبو عبيدة وكان عمرو يصلى بالناس حتى وصل الى العدوّ بلى وعذرة فحمل عليهم المسلمون فهربوا فى البلاد وتفرّقوا*
[سرية أبى عبيدة الى سيف البحر]
وفى رجب هذه السنة كانت سرية أبى عبيدة الى سيف البحر وهى سرية الخبط وسماها البخارى غزوة سيف البحر قال شيخ الاسلام ابن العراقى فى شرح التقريب قالوا وكانت هذه السرية فى شهر رجب سنة ثمان من الهجرة وذلك بعد ان نكثت قريش العهد وقبل الفتح فان النكث كان فى رمضان من السنة المذكورة* فى استقامة هذا الكلام نظر فليتأمل أو تكون هذه السرية فى سنة ست أو قبلها قبل هدنة الحديبية كما قاله ابن سعد وكان فيها ثلثمائة من المهاجرين والانصار الى ساحل البحر وكان فيها عمر بن الخطاب وقيس بن سعد بن عبادة* وعن جابر بن عبد الله الانصارى أنه قال بعثنا النبىّ صلى الله عليه وسلم فى ثلثمائة راكب وأميرنا أبو عبيدة ابن الجراح فى طلب عير قريش وترصدها فأقمنا على الساحل حتى فنى زادنا وأكلنا الخبط حتى تقرّحت أشداقنا ثم انّ البحر ألقى الينا دابة يقال لها العنبر فأكلنا منها نصف شهر حتى صحت أجسامنا* وفى رواية عنه فرفع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم فأتيناها فاذا هى دابة تدعى العنبر فأقمنا عليها شهرا ونحن ثلثمائة حتى سمنا ولقد رأيتنا نغترف من وقب عينه بالقلال الدهن ونقطع منه القدر كالثور ولقد أخذمنا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا فاقعدهم فى وقب عينها وأخذ ضلعا من أضلاعها وأقامها ثم رحل أعظم بعير معنا ثم ركبه أطول رجل منا فجاز من تحتها وتزوّدنا من لحمه