للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن الصباح الاشرم يريد هدم الكعبة*

[قصة أصحاب الفيل]

وقصته أنه لما غلب على اليمن وملكها من قبل أصحمة النجاشى رأى الناس يتجهزون أيام الموسم للحج فسأل أين تذهب الناس قالوا يحجون بيت الله بمكة قال ومم هو قيل من الحجارة قال والمسيح لأبنين لكم خيرا منه فبنى لهم كنيسة بصنعاء اليمن وسماها القليس عملها بالرخام الابيض والاحمر والاسود والاصفر وحلاها بالذهب والفضة وأنواع الجواهر* وفى حياة الحيوان سميت بقليس لارتفاع بنائها وكلفهم فيها أنواع السخر ونقل اليها الرخام المجزع والحجارة المنقوشة بالذهب والفضة من قصر بلقيس صاحبة سليمان عليه السلام وكان من موضع هذه الكنيسة على فراسخ ونصب فيها صلبانا من الذهب والفضة ومنابر من العاج وغيره انتهى فلما أراد أن يصرف اليها الحاج كتب الى النجاشى انى بنيت كنيسة باسم الملك لم يكن مثلها قبلها واريد أن أصرف اليها حج العرب وأمنع الناس من الذهاب الى مكة* ولما اشتهر هذا الخبر بين العرب خرج رجل من كنانة متعصبا ففعد فيها فأغضبه ذلك وهو قول ابن عباس وقيل أججت رفقة من العرب نارا وكان فى عمارة القليس خشب مموّه فحملتها الريح اليها فأحرقتها فحلف ليهد منّ الكعبة وهو قول مقاتل وسيجىء وقيل كان نفيل الخثعمى يتعرّض لها بالمكروه فأمهل حتى كان ليلة من الليالى ولم ير أحدا يتحرّك فجاء بعذرة فلطخ بها قبلتها وجمع جيفا فألقاها فيها فأخبر أبرهة بذلك فغضب غضبا شديدا وقال انما فعلت هذه العرب تعصبا لبيتهم لا نقضنه حجرا حجرا وكتب الى النجاشى يخبره بذلك وسأله أن يبعث اليه بفيله محمود وكان فيلا أبيض عظيما قويا لم ير فى الارض مثله فلما قدم الفيل الى أبرهة خرج بالجيش العظيم ومعه اثنا عشر فيلا غيره وقيل عشرة وقيل ثمانية وقيل كانوا ألف فيل وقيل كان وحده* وفى تفسير النهر لابى حيان أصحاب الفيل أبرهة بن الصباح الحبشى ومن كان معه من جنوده والظاهر أنه فيل واحد وكان العسكر ستين ألفا لم يرجع أحد منهم الا أميرهم فى شرذمة قليلة فلما أخبروا بما رأوا هلكوا* وفى سيرة ابن هشام فسمعت العرب بخروج أبرهة لتخريب البيت فأعظموه وفظعوا به ورأوا جهاده حقا عليهم حين سمعوا بأنه يريد هدم الكعبة بيت الله الحرام وكان يخرج اليه كل من كان له قوّة واستطاعة فى الحرب فخرج اليه رجل كان من أشراف اليمن وملوكهم يقال له ذو نفر فى قومه ومن أجابه من سائر العرب ثم عرض له فقاتله فهزم ذو نفر وأصحابه وأخذ ذو نفر وأتى به أسيرا فأراد قتله ثم تركه وحبسه عنده فى وثاق وكان ابرهة رجلا حليما ثم مضى ابرهة فى وجهه حتى اذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب الخثعمى فى قبيلتى خثعم شهران وناهش ومن تبعه من قبائل العرب فقاتله فهزمه ابرهة وأخذ نفيل أسيرا فلما همّ بقتله قال له نفيل أيها الملك لا تقتلنى فانى دليلك بأرض العرب فخلى سبيله وخرج به معه يدله حتى اذا مرّ بالطائف خرج اليه مسعود بن معتب بن مالك الثقفى فى رجال من ثقيف فقال له أيها الملك انما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون ليس عندنا خلاف وليس بيتنا هذا البيت الذى تريد يعنون اللات انما تريد البيت الذى بمكة ونحن نبعث معك من يدلك عليه فتجاوز عنهم واللات بيت لهم بالطائف كانوا يعظمونه نحو تعظيم الكعبة فبعثوا معه أبارغال يدله على الطريق الى مكة فخرج ابرهة ومعه أبو رغال حتى أنزله المغمس بفتح الميم الثانية وتشديدها وقيل بكسرها قيل هو على ثلثى فراسخ من مكة بطريق الطائف فمات هناك أبو رغال فدفن فيه فرجمت العرب قبره فهو القبر الذى يرحمه الناس بالمغمس الى اليوم ودفن معه غصنان من ذهب وذكر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم مرّ بالقبر فى غزوة الطائف فأمر باستخراج الغصنين منه فاستخرجا وسيجىء فى غزوة الطائف* وروى أبو علىّ بن السكن فى سننه الصحاح أن النبى صلّى الله عليه وسلم كان اذا كان بمكة وأراد أن يقضى حاجة الانسان خرج

<<  <  ج: ص:  >  >>