رسول الله الخاصرة فأخذته يوما فأغمى عليه حتى ظننا انه قد هلك فلددناه ثم فرج عن النبىّ صلى الله عليه وسلم وقد لدّوه فقال من صنع هذا فهبنه فاعتللن بالعباس واتخذ جميع من فى البيت العباس سببا ولم يكن له فى ذلك رأى فقالوا يا رسول الله عمك العباس أمر بذلك وتخوّفنا أن يكون بك ذات الجنب فقال انها من الشيطان ولم يكن الله عز وجل ليسلطها علىّ ولا ليرمينى بها ولكن هذا عمل النساء لا يبقى أحد فى البيت الا لدّالا عمى العباس فان يمينى لا تناله فلدّوا كلهم ولدّت ميمونة وكانت صائمة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج رسول الله الى بيت عائشة وكان يومها بين العباس وعلىّ والفضل ممسك بظهره ورجلاه تخطان فى الارض حتى دخل على عائشة فلم يزل عندها مغلوبا لا يقدر على الخروج من بيتها الى غيره ثم ان وجعه اشتدّ قالت عائشة جعل يشتكى ويتقلب على فراشه فقلت له لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه فقال ان المؤمنين تشتدّ علتهم انه لا يصيب المؤمن نكتة من شوكة فما فوقها الا رفع الله له بها درجة وحط عنه بها خطيئة وقالت ما رأيت أحدا كان اشدّ عليه الوجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم* روى انه كان لا يكاد تقرّ يد أحد عليه من شدّة الحمى فقال ليس أحد أشدّ بلاء من الانبياء كما يشتدّ علينا البلاء كذلك يضاعف لنا الاجر* وعن عبد الله ابن مسعود قال دخلت على النبىّ صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فقلت يا رسول الله انك لتوعك وعكا شديدا قال أجل انى أوعك كما يوعك رجلان منكم قلت ذلك بأن لك أجرين قال أجل ذلك كذلك ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها الا كفر الله به سياته كما تحط الشجرة ورقها رواه البخارى* وعن عائشة قالت لما اشتدّ وجعه قال صبوا علىّ من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعلى أستريح فأعهد الى الناس قالت عائشة فأجلسناه فى مخضب لحفصة من نحاس وسكبنا عليه الماء حتى طفق يشير الينا أن قد فعلتن ثم خرج فقام يومئذ خطيبا فحمد الله وأثنى عليه واستغفر للشهداء الذين قتلوا يوم أحد*
(ذكر شدّة مرضه)
* كانت مدّة علته اثنى عشر يوما وقيل أربعة عشر يوما وقيل ثمانية عشر يوما وقال عليه السلام فى مرضه سدّوا هذه الابواب الشوارع الى المسجد الاباب أبى بكر فانى لا أعلم رجلا أحسن يدا عندى فى الصحابة من أبى بكر* وفى رواية لا يبقين فى المسجد باب الاسدّ الاباب أبى بكر* وفى رواية سدّوا عنى كل خوخة فى هذا المسجد غير خوخة أبى بكر* وعن ابن عمر جاء أبو بكر الى النبىّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ائذن لى فأمرّضك وأكون الذى يقوم عليك فقال يا أبا بكر ان لم أحمل أزواجى وبناتى وأهل بيتى علاجى ازدادت مصيبتى عليهم عظما وقد وقع أجرك على الله* ومما وقع فى مرضه انه خطب الناس فى مرضه وقال فى خطبته ان الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله فبكى أبو بكر فعجبنا من بكائه ان أخبر رسول الله عن عبد خير وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم المخير وكان أبو بكر أعلمنا وانه أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مرضه أربعين نفسا* روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لم يشتك شكوى الاسأل الله العافية حتى كان فى مرضه الذى توفى فيه فانه لم يدع بالشفاء بل عاتب نفسه وشرع يقول يا نفس مالك تلوذين كل ملاذ*
[اسراره عليه السلام الى فاطمة]
ومما وقع فى مرضه انه أسرّ الى فاطمة حديثا فبكت ثم أسرّ اليها حديثا فضحكت قالت عائشة سألت عنها قالت ما كنت لأفشى سر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اذا قبض سألتها فقالت انه أسرّ الىّ فقال ان جبريل كان يعارضنى القرآن فى كل عام مرّة وانه عارضنى العام مرّتين ولا أراه الا قد حضر أجلى وانك أوّل أهل بيتى لحوقا بى ونعم السلف انا لك فبكيت لذلك ثم قال ألا ترضين أن تكونى سيدة نساء هذه الامة أو نساء المؤمنين فضحكت لذلك* ومما وقع فى مرضه انه كان يصلى بالناس فى مدّة مرضه وانما انقطع ثلاثة أيام وقيل سبع عشرة