للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصر على الفساد وما الله يريد ظلما للعباد* وكان أمر بمدقة فأحضرت فكان يضرب بها على رأسه بقوّة فتسكن البعوضة لذلك ساعة فيستريح به ثم تعود الى أن دخل عليه بعض من خواصه يوما فأمر بضربه فضربه بالمدقة وبالغ فشج رأسه ودمغ فزهق الملعوب وقيل ضجر الملعون فضرب رأسه بالجدار حتى انشقت هامته وقامت قيامته فأمر الله جبريل فخسف بصرحه وبما فيه الارض فهو يتجلجل فيها الى يوم القيامة* وفى حياة الحيوان قال وهب بن منبه لما أرسل الله تعالى البعوض على نمروذ اجتمع منه فى عسكره ما لا يحصى عددا فلما عاين نمروذ ذلك انفرد عن جيشه ودخل بيته وأغلق الابواب وأرخى الستور ونام على قفاه متفكرا فدخلت بعوضة فى أنفه ومنخره وصعدت الى دماغه فتغذت بدماغه أربعين يوما الى أن كاد يضرب برأسه الارض وكان أعز الناس عنده من يضرب رأسه ثم سقطت منه كالفرخ وهى تقول كذلك يسلط الله رسله على من يشاء من عباده ثم هلك حينئذ* قال ابن اسحاق ولما نجى الله ابراهيم من نمروذ الجبار واحراق النار استجاب له رجال من قومه حين رأوا ما صنع الله به من جعل النار عليه بردا وسلاما وأسلم خلق كثير على خوف من نمروذ وقومه وآمن له لوط وقيل هو أوّل من صدّقه وكان ابن أخيه هاران وهو لوط بن هاران بن تارخ وهاران أخو ابراهيم وكان له أخ ثالث يقال له ناحور وهو جدّ لقمان الحكيم كما مرّ وقيل أوّل من آمن بابراهيم بعد خروجه من النار سارة بنت هاران قالت يا ابراهيم آمنت باله جعل النار عليك بردا وسلاما فقالت أم ابراهيم ألا تخشين قتلك قالت كيف أخاف وقد آمنت برب ابراهيم ولما رجع ابراهيم الى منزله نكحها وكانت من أجمل نساء أهل زمانها قيل كان حسن يوسف ثلث حسن سارة واختلف المؤرّخون فى هاران أبى سارة فبعضهم على أنه ملك حرّان ونكح ابراهيم ابنته سارة حين هاجر من وطنه الى حرّان وقال بعضهم هو أخو ابراهيم وكان نكاح بنت الاخ جائزا فى شريعتهم وبعضهم على أنه هاران الاكبر عم ابراهيم وكان اسم عمه وأخيه متوافقين والله أعلم* وفى عرائس الثعلبى سارة بنت ناحور روى أن النمروذ بينما كانوا يأتمرون أن يكيدوا لابراهيم كيدا ويعذبوه بنوع آخر فأخبره بمكرهم ابن أخيه لوط بن هاران فخرج من كوثى أرض العراق مهاجرا الى ربه وسار بأهله سارة ومعه لوط يلتمس الفرار بدينه والامان على عبادة ربه وخرج معهم آزر أبو ابراهيم وكان مقيما على كفره ولما نزلوا حران مات بها آزر على كفره فمكث بها ابراهيم ما شاء الله ثم خرج منها بمن معه فنزل الرها ويقال بعلبك ثم خرج منها الى الشام فوجد بها الجوع فسار الى مصر فوجدوا فيها فرعونا من فراعنتها يقال له سنان بن علوان من أولاد سام بن نوح عليه السلام ثم خرجوا الى الشام فنزل ابراهيم السبع من أرض فلسطين وهى برية الشام ونزل لوط الاردن فأرسله الله نبيا الى أهل سدوم وما يليها وكانوا أهل كفر وفواحش وسيجىء بقية قصة لوط وقال مقاتل هاجر ابراهيم وهو ابن خمس وسبعين سنة*

[ذكر سارة]

روى أن ابراهيم لما هاجر من أرض بابل اتخذ تابوتا لسارة وكانت من أحسن النساء وجها تشبه حوّاء فى حسنها فأدخلها التابوت وحملها معه وكان ممرّه على عشار فعشر ماله حتى بلغ التابوت فقال افتحه حتى أقوّم ما فيه وأعشره قال ابراهيم لا يمكننى فتحه هب أن ما فيه كله ديباج وحرير فاعشره فأبى ذلك قال هب أنه دراهم ودنانير وجواهر فأعشرها فأبى الا الفتح ففتح ابراهيم باب التابوت فاذا فيه امرأة حسناء لم ير الناس مثلها فأخبر بها ملكه وكان يميل الى النساء قال السهيلى اسمه صاروف ملك الاردن وكانت هاجر له فسأل ابراهيم من أين لك هذه المرأة قال هى أخت لى وخاف أن لو قال امرأتى يقتله وأراد بالاخت الاخت فى الاسلام فأرسل اليها فأخذها منه عجبا منه لجمالها فأدخلها فى قصره وبقى ابراهيم خارج القصر متحيرا فجعل الله حيطان القصر شفافة كالزجاج حتى يرى ابراهيم باطنها من ظاهرها فلما دنا الملك منها رأى وجها لم يرسله قط قدّيده اليها ليضعمها

<<  <  ج: ص:  >  >>