فرباها وأطعمها اللحم والخبز حتى شبت وكبرت* وفى الكامل لابن الاثير فرباهنّ بالخمر واللحم حتى كبرن واتخذ تابوتا من خشب وجعل له بابا من أعلا وبابا من أسفل ثم جوّع النسور ونصب خشبات أربع فى أطراف التابوت وجعل على رؤسها لحما أحمر فوق التابوت وقعد هو فى التابوت وأقعد معه رجلا آخر وحمل معه القوس والنشاب وأمر بالنسور فربطت فى أطراف التابوت من أسفل* وفى رواية وربط التابوت بأرجل النسور ثم خلى عن النسور فطرن وصعدن طمعا فى اللحم كلما رأين اللحم طرن اليه فطارت النسور يوما أجمع حتى أبعدن فى الهواء فقال نمروذ لصاحبه افتح الباب الاعلا فانظر الى السماء هل قربنا منها ففتح ونظر فقال ان السماء كهيئتها ثم قال له افتح الباب الاسفل فانظر الى الارض كيف تراها ففتح ونظر فقال أرى الارض مثل اللجة والجبال مثل الدخان قال فطارت النسور يوما آخر وارتفعت حتى حالت الريح بينها وبين الطيران فقال نمروذ لصاحبه افتح الباب الاعلا ففتح فاذا السماء كهيئتها وفتح الباب الاسفل فاذا الارض سوداء مظلمة ونودى أيها الطاغى أين تريد فأمر عند ذلك صاحبه فرمى بسهم قال عكرمة وكان معه فى التابوت غلام قد حمل القوس والنشاب فأخذ منه القوس فرمى بسهم فعاد اليه السهم ملطخا بالدم فقال كفيت شغل اله السماء واختلف فى ذلك السهم بأى شىء تلطخ فقيل بدم سمكة قذفت نفسها من بحر معلق فى الهواء فلذا رفع الذبح عن السمك وقيل بدم طائر أصابه السهم فتلطخ بدمه وذلك استدراج ومكر من الله تعالى ولما رجع اليه السهم ملطخا أمر نمروذ صاحبه أن يصوّب الخشبات المنصوبة فوق التابوت الى أسفل وينكس اللحم ففعل فهبطت النسور بالتابوت فسمعت الجبال هفيف التابوت والنسور ففزعت وظنت أنه قد حدث حدث فى السماء وان الساعة قد قامت فكادت تزول عن أماكنها فذلك قوله تعالى وان كان مكرهم لتزول منه الجبال وحكى ذلك عن علىّ فى معنى الآية أى أنها نزلت فى نمروذ الجبار الذى حاج ابراهيم فى ربه كذا فى معالم التنزيل واستبعد بعض العلماء هذه الحكاية وقال لان الخطر فيه عظيم ولا يكاد عاقل أن يقدم على مثل هذا الامر العظيم وليس فيه خبر صحيح يعتمد عليه ولا مناسبة لهذه الحكاية بتأويل الآية كذا فى لباب التأويل* وكان طيرانهنّ من بيت المقدس ووقوعهنّ فى جبل الدخان فلمّا رأى أنه لا يطيق شيئا أخذ فى بنيان الصرح ثم أرسل الله ريحا على صرح نمروذ فألقت رأسه فى البحر فانكفأت بيوتهم وأخذت الرجفة نمروذ وتبلبلت ألسن الناس حين سقط الصرح من الفزّع فتكلموا بثلاثة وسبعين لسانا فلذلك سميت بابل أى لتبلبل الالسن بها وكان لسان الناس قبل ذلك سريانيا كذا فى الكامل* وفى بحر العلوم لما ملك نمروذ كل الارض وطغى واتخذ النسور وصعد الهواء يطلب ملك السماء وعمل صرحا وزعم أنه يحارب اله السماء ورمى نزل جبريل وقال لابراهيم ان الله تعالى يقول لك اختر لمحاربتك ما شئت من الجيوش فانى معين لك على ما عنيت فاختار البعوض فأوحى الله تعالى الى ابراهيم لو لم تختر هذا لاهلكناه بشىء لا يزن سبعون من ذلك جناح بعوضة فعبى نمروذ جيشه أربعة فراسخ فى أربعة فراسخ فأمر الله ملك البعوض حتى أخرج جيش البعوض فخرجت بحيث ملأت الهواء وسترت السماء فوقعت فيهم فأكلت خناجرهم ودروعهم وأسلحتهم وشعورهم وجلودهم ولحومهم وعظامهم فهرب نمروذ ودخل صرحه فسلط الله عليه شق بعوضة فجعل يطير فى وجهه سبعة أيام وهو يقصد أخذها فلا يقدر عليها ثم جلست على شفته فعضتها فورمت ثم دخلت أنفه فاجتهدوا فى اخراجها بكل حيلة فلم يقدروا وكانت تأكل دماغه وهو يحتال بكل علاج فلا يقدر على الاخراج* وفى رواية كعب أنها بقيت فى دماغه أربعمائة سنة كذا فى العرائس وكان عمره قبل ذلك فى ملكه أربعمائة سنة ولو تاب لتاب الله عليه لكن تمادى فى العناد