وما كنت أدرى ما الكتاب ولا الايمان وكذلك سائر الانبياء اذ لم ينقل ناقل من المسلمين ولا من أهل الكتاب ان أحدا من الانبياء كان يعبد سوى الله تعالى قبل أن يوحى اليه* وورد فى تفسير قوله تعالى ووجدك ضالا فهدى أى غير مهتد الى تفاصيل الملة الحنيفية وكان يسمع بأنها ملة أبيه ابراهيم الخليل فطفق يطلبها ولا يهتدى الى تفاصيلها فهداه الله منها الى سواء السبيل وكان موسى مؤمنا حين قتل القبطى باخبار الله ايانا فقال تعالى قال رب انى ظلمت نفسى فاغفرلى فغفر له وقال رب بما أنعمت علىّ فلن أكون ظهيرا للمجرمين ثم أخبر عنه قال فعلتها اذا وأنا من الضالين فعلمنا ان ضلاله كان من شرائع الاحكام الحلال والحرام والتكاليف التى لا تعرف الا بتوفيق وكان العلم بتفاصيل الشرائع قد درس فى عصر النبىّ صلّى الله عليه وسلم ولم يذهب بالتوحيد على جماعة منهم ورقة بن نوفل وزيد بن نفيل وأبو ذرّ الغفارى وكان منهم أمية بن أبى الصلت فارتدّ وعتبة بن ربيعة ثم ارتدّ وأبو عامر الراهب بن صيفى ثم ارتدّ حسدا للنبىّ صلّى الله عليه وسلم*
[موت حاتم الطائى وموت كسرى أنوشروان]
ومن وقائع هذه السنة موت حاتم الطائى وهو حاتم بن عبد الله ابن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس وهو حاتم المشهور الذى يضرب به المثل فى الجود والكرم* ومن وقائع هذه السنة موت كسرى أنوشروان وولاية ابنه هرمز السلطنة* وفى نظام التواريخ كان هرمز بن أنوشروان ملكا ذا عدل ورأى ولكن كان يستحقر الناس ذوى الحسب والنسب ويولى الاراذل والدون وكان ملكه احدى عشرة سنة وأربعة أشهر وقيل قبر أنوشران بالجبل الاحمر* ومن وقائع السنة التاسعة من مولده صلّى الله عليه وسلم ما جاء فى بعض الروايات أن أبا طالب خرج برسول الله صلّى الله عليه وسلم الى بصرى من الشام وهو ابن تسع سنين* وفى معجم ما استعجم بصرى بضم أوّله واسكان ثانيه وفتح الراء المهملة مدينة حوران*
[ذكر حرب الفجار]
ومن وقائع السنة العاشرة من مولده صلّى الله عليه وسلم الفجار الاوّل وهو قتال بعكاظ وكان الحرب فيه ثلاثة أيام وفى دلائل النبوّة الفجار اثنان أما الفجار الاوّل فكانت وقعته ولرسول الله صلّى الله عليه وسلم عشر سنين وكانت الحرب فيه ثلاث مرات أما المرّة الاولى فسببها ان بدر بن مغيث الغفارى ممن كان يفخر على الناس فبسط يوما رجله وقال أنا أعز العرب فمن زعم أنه أعز منى فليضربها بالسيف فوثب رجل من بنى نضر بن معاوية يقال له الاحمر بن مازن فضربه بالسيف على ركبته واندرها فاقتتلوا* وأما المرّة الثانية فكان سببها ان امرأة من بنى عامر كانت جالسة بسوق عكاظ فطاف بها شاب من قريش من بنى كنانة وكان معه وفقة فسألوها أن تكشف عن وجهها فأبت فقام أحدهم فجلس خلفها فعقد طرف درعها الى ما فوق عجزها بشوكة فلما قامت انكشف دبرها فضحكوا منها فقالوا منعتينا النظر الى وجهك وجدت لنا بالنظر الى دبرك وجاء مثلها فى سبب غزوة بنى قينقاع أيضا كما سيجىء فى الموطن الثانى فنادت المرأة يا آل عامر فثاروا بالسلاح واقتتلوا مع بنى كنانة فوقع بينهما دم فتوسطها حرب بن أمية وأرضى بنى كنانة من مثلة صاحبهم* وأما المرّة الثالثة فكان سببها انه كان لرجل من بنى جشم بن عامر دين على رجل من بنى كنانة فلواه به فجرت بينهما خصومة فاقتتل الحيان وحمل بن جدعان ذلك فى ماله وكان ذا مال وثروة وسنذكر سبب ثروته وهذه الايام لم يحضرها رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأما الفجار الآخر فحضر النبىّ صلّى الله عليه وسلم بعض أيامه كما سيجىء فى الباب الثانى فى حوادث السنة الرابعة عشر من مولده صلى الله عليه وسلم*
[سبب ثروة عبد الله بن جدعان]
وأما سبب ثروة عبد الله بن جدعان فانه كان فى ابتداء أمره صعلوكا ترب اليدين وكان مع ذلك شريرا فاتكا لا يزال يجنى الجنايات فيعقل عنه أبوه وقومه حتى أبغضته عشيرته ونفاه أبوه وحلف أن لا يؤويه أبدا فخرج فى شعاب مكة حائرا مائرا يتمنى الموت أن ينزل به فرأى شقا فى جبل فظنّ أنّ فيه حية فتعرض للشق يرجو أن يكون فيه ما يقتله فيستريح فلم ير شيئا فدخل فيه فاذا فيه ثعبان