بغتة وكان محمد يسير بالليل ويختفى بالنهار حتى أغار عليهم فجأة وهم عارون غافلون وهرب سائرهم* وعند الدمياطى قتل نفرا منهم وهرب سائرهم وأصاب منهم خمسين بعيرا وثلاثة آلاف شاة وساقها وقدم المدينة لليلة بقيت من المحرّم فقسمها النبيّ صلى الله عليه وسلم بين أصحابه بعد اخراج الخمس وكانت غيبته فى تلك السرية تسع عشرة ليلة
[قصة ثمامة بن أثال الحنفى]
وكان معه ثمامة بن أثال الحنفى سيد اليمامة أسيرا فربط بسارية من سوارى المسجد* وفى الاكتفاء ان خيلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خرجت فأخذت رجلا من بنى حنيفة لا يشعرون من هو حتى أتوابه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتدرون من أخذتم هذا ثمامة ابن أثال الحنفى أحسنوا أساره ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى أهله فقال اجمعوا ما عندكم من طعام فابعثوا به اليه وأمر بلقحته أن يغدى عليه بها ويراح فجعل لا يقع من ثمامة موقعا ويأتيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول أسلم يا ثمامة وفى رواية ما تقول يا ثمامة* وفى رواية فخرج اليه النبىّ صلى الله عليه وسلم فقال ما عندك يا ثمامة فقال عندى خير يا محمد ان تقتلنى تقتل ذادم وان تنعم تنعم على شاكر وان كنت تريد المال فسل منه ما شئت فترك حتى كان الغد ثم قال له ما عندك يا ثمامة وهكذا الى ثلاثة أيام ففى اليوم الثالث أمر النبىّ صلى الله عليه وسلم بأن يطلق فانطلق الى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم عاد اليه فقال أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أنّ محمدا رسول الله* وفى الاكتفاء فلما أطلقوه خرج حتى أتى الى البقيع فتطهر وأحسن طهوره ثم أقبل فبايع النبىّ صلى الله عليه وسلم على الاسلام فلما أمسى جاؤه بما كانوا يأتونه به من الطعام فلم ينل منه الا قليلا وباللقحة فلم يصب من حلابها الا يسيرا فتعجب المسلمون من ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مم تعجبون من رجل أكل أوّل النهار فى معى كافر وأكل آخر النهار فى معى مسلم انّ الكافر يأكل فى سبعة أمعاء وانّ المسلم يأكل فى معى واحدة* وقال ثمامة حين أسلم لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقد كان وجهك أبغض الوجوه الىّ فأصبح وهو أحب الوجوه الىّ ولقد كان دينك أبغض الاديان الىّ فأصبح وهو أحب الاديان الىّ ولقد كان بلدك أبغض البلاد الىّ فأصبح وهو أحب البلاد الىّ* وفى رواية قال يا محمد والله ما كان على الارض وجه أبغض الىّ من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه الىّ ووالله ما كان من دين أبغض الىّ من دينك فقد أصبح دينك أحب الاديان الىّ ووالله ما كان من بلد أبغض الىّ من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد الىّ وانّ خيلك أخذتنى وأنا أريد العمرة فماذا ترى فبشره النبىّ صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر فلما قدم مكة قال له قائل صبوت قال لا ولكنى أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا والله لما تأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن النبىّ صلى الله عليه وسلم ثم خرج الى اليمامة فمنعهم أن يحملوا الى مكة شيئا فكتبوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنك تأمر بصلة الرحم وانك قد قطعت أرحامنا فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خل بين قومى وبين ميرتهم ففعل ويقال انه لما كان ببطن مكة فى عمرته لبى فكان أوّل من دخل مكة يلبى فأخذته قريش فقالوا لقد اجترأت علينا وهموا بقتله ثم خلوه لمكان حاجتهم اليه والى بلده ذكر قصته البخارى*
[كسوف الشمس]
وفى هذه السنة كسفت الشمس أوّل مرّة قبل الكسوف الذى كان فيه موت ابراهيم كذا فى الوفا*
[غزوة بنى لحيان]
وفى ربيع الاوّل من هذه السنة وقعت غزوة بنى لحيان بكسر اللام وفتحها لغتان وذكرها ابن اسحاق فى جمادى الاولى على رأس ستة أشهر من فتح بنى قريظة* قال ابن حرم الصحيح أنها فى الخامسة قال أهل السير لما وقعت وقعة عاصم بن ثابت وخبيب بن عدى وغيرهما من الصحابة الذين قتلهم هذيل وجد النبىّ صلى الله عليه وسلم وجدا شديدا فأراد أن ينتقم منهم فأمر أصحابه بالتهيؤ وورّى فأظهر أنه يريد الشام ليصيب من القوم غرة