وخرجوا بعد المغرب على ميسرة السلطان فطحنوها فقتل عدّة امراء واشتدّ الحرب ووقف السلطان وقد وهن نظامه وتبدد وأحاط به العدوّ فلم يبق معه سوى أربعة عشر فارسا فانهزم على حمية وجاءته طعنة فنجا منها وانهزم جيشه فرقا الى كرمان وتوريز وأمّا ميمنته فساقت وراء التتار تقتل فيهم وعادوا بعد يومين ودخل السلطان جلال الدين الى أصبهان وردت التتار الى خراسان* وفى سنة خمس وعشرين وستمائة التقى خوارزم شاه والتتار بالرى فانهزم ثم عمل مصافا آخر فانهزم أيضا ثم جمع وحشد ثم ضرب مع التتار رأسا فانهزم الجمعان من غير قتال وذلك انّ خوارزم شاه فارقه أخوه وقت المصاف بعسكره فظنت التتار أنه يريد أن يدور من ورائهم فانهزموا وأما هو فلما رأى مفارقة أخيه له وولت التتار ظن انها خديعة ليستدرجوه فتقهقر ولم يقحم عليهم ثم رجعت التتار ونازلت أصبهان فجاء خوارزم شاه وخرق فيهم ودخل أصبهان ثم خرج بالناس والتقى التتار فانهزمت التتار أقبح هزيمة وساق خوارزم شاه وراءهم الى الرى قتلا وأسرا ثم جاء فنازل خلاط مرة ثانية ليملكها وهى للملك الاشرف* وفى سنة ثمان وعشرين وستمائة التقى خوارزم شاه التتار فكسروه وطحنوه وتمزق عسكره وفيها قتل السلطان الكبير جلال الدين خوارزم شاه بن السلطان علاء الدين محمد بن تكش الخوارزمى وكانت دولته ثنتى عشرة سنة مات كهلا وكان أسمر أصفر لانّ أمّه هندية وكان فارسا شجاعا مهيبا حضر حروبا كثيرة وكان سدّا بيننا وبين التتار وكان عسكره مجمعة لا أخباز لهم بل يعيشون من النهب والغارة وفى آخر أمره راح منهزما من وقعة صاحب الروم فسار على فرسه فى تلك الجبال فظفر به كردى فقتله غيلة طعنه بحربة بأخ له كان قد قتلته الخوارزمية وذلك فى نصف شوّال وفى سنة تسع وعشرين وستمائة قصد التتار أذربيجان فتهيأ لحربهم عسكر الخليفة وصاحب اربل الملك المعظم مظفر الدين كوكبرى فردّت التتار* وفى سنة ثلاثين وستمائة حاصر الملك الكامل آمد بالمجانيق وأخذها من صاحبها الملك مسعود مودود الاتابكى وكان فاسقا قال الاشرف وجدنا فى قصره خمسمائة حرّة للفراش من بنات الناس يأخذهنّ قهرا وأخذ منه حصن كيفا ثم استناب السلطان على ذلك ولده الملك الصالح نجم الدين أيوب* وفى شعبان مات العلامة عز الدين على بن محمد بن محمد بن الاثير الجزرى صاحب التاريخ المسمى بالكامل ومعرفة الصحابة* وفى سنه احدى وثلاثين وستمائة مات بدمشق العلامة المتكلم سيف الدين على بن أبى على الامدى صاحب التصانيف وله ثمانون سنة* وفى سنة اثنتين وثلاثين وستمائة مات شيخ الصوفية العارف الشيخ شهاب الدين عمر بن محمد السهروردى البكرى ببغداد وله ثلاث وتسعون سنة ومسند أصبهان أبو الوفاء محمود بن ابراهيم بن منده قتل بأصبهان فى خلق عظيم عند دخول التتار اليها بالسيف* وفى سنة ثلاث وثلاثين وستمائة جاءت التتار الى اربل فالتقاهم عسكرها فقتل طائفة من التتار ثم ساقت التتار الى أعمال الموصل فنهبوا وقتلوا وردّوا فتهيأ المستنصر بالله وانفق أموالا واستخدم خلقا كثيرا وفيها مات قاضى قضاة بغداد عماد الدين أبو صالح نصر بن عبد الرزاق بن الشيخ عبد القادر الجيلى الحنبلى وله سبعون سنة وكان من خيار القضاة دينا وتواضعا وعلما* وفى سنة أربع وثلاثين وستمائة حاصرت التتار اربل وأخذوها وقتلوا أهلها* وفى سنة سبع وثلاثين وستمائة مات الصاحب الوزير ضياء الدين نصر الله بن محمد بن الاثير الجزرى الكاتب مصنف المثل السائر عن ثمانين سنة ومات المستنصر بالله فى العشرين من جمادى الاخرة وقيل يوم الجمعة عاشره سنة أربعين وستمائة عن احدى وخمسين سنة وأربعة اشهر وتسعة أيام وكتم موته وخطب له يومئذ بالجامع حتى جاء الامير شرف الدين اقبال الشرابى الخادم ومعه جمع من الخدام وسلم على ولده المستعصم بالخلافة فاستخلف المستعصم وتم أمره وكانت خلافة المستنصر