المخاض فوضعت محمدا صلّى الله عليه وسلم فنظرت اليه فاذا هو ساجد قد رفع اصبعيه الى السماء كالمتضرّع المبتهل ثم رايت سحابة بيضاء قد أقبلت من السماء حتى غشيته فغيبته عنى فسمعت مناديا ينادى طوفوا به مشارق الارض ومغاربها وأدخلوه البحار ليعرفوه باسمه ونعته وصورته ويعلموا انه سمى فيها الماحى لا يبقى شىء من الشرك الا محى فى زمنه ثم تجلت عنه فى أسرع وقت الحديث وهو مما تكلم فيه* وروى الخطيب البغدادى بسنده أن آمنة قالت لما وضعته عليه السلام رأيت سحابة بيضاء عظيمة لها نور أسمع فيها صهيل الخيل وخفقان الاجنحة وكلام الرجال حتى غشيته وغيب عنى فسمعت مناديا ينادى طوفوا بمحمد صلّى الله عليه وسلم جميع الارض واعرضوه على كل روحانى من الجنّ والانس والملائكة والطيور والوحوش وأعطوه خلق آدم ومعرفة شيث وشجاعة نوح وخلة ابراهيم ولسان اسماعيل ورضا اسحاق وفصاحة صالح وحكمة لوط وبشرى يعقوب وشدّة موسى وصبر أيوب وطاعة يونس وجهاد يوشع وصوت داود وحب دانيال ووقار الياس وعصمة يحيى وزهد عيسى واغمسوه فى اخلاق النبيين قالت ثم انجلت عنى فاذا به قد قبض على حريرة خضراء مطوية طيا شديدا ينبع من تلك الحريرة ماء فاذا قائل يقول بخ بخ قبض محمد صلّى الله عليه وسلم على الدنيا كلها لم يبق خلق من أهلها الا دخل طائعا فى قبضته* قالت ثم نظرت اليه فاذا به كالقمر ليلة البدر وريحه يسطع كالمسك الاذفر واذا بثلاثة نفر فى يد أحدهم ابريق من فضة وفى يد الثانى طست من زمرد أخضر وفى يد الثالث حريرة بيضاء فنشرها فأخرج منها خاتما تحار أبصار الناظرين دونه فغسله من ذلك الابريق سبع مرات ثم ختم بين كتفيه بالخاتم ولفه فى الحرير ثم احتمله بين أجنحته ساعة ثم ردّه الىّ رواه أبو نعيم عن ابن عباس وفيه نكارة* وروى الحافظ أبو بكر بن عائذ فى كتاب المولد كما نقله الشيخ بدر الدين الزركشى فى شرح بردة المديح عن ابن عباس لما ولد النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال فى اذنه رضوان خازن الجنان ابشريا محمد فما بقى لنبىّ علم الا وقد أعطيته فأنت أكثرهم علما وأشجعهم قلبا وروى الطبرانى انه لما وقع الى الارض وقع مقبوضة أصابع يديه مشيرا بالسبابة كالمسبح بها* وفى شواهد النبوّة روى انه صلّى الله عليه وسلم لما وقع على الارض رفع رأسه وقال بلسان فصيح لا اله الا الله وانى رسول الله وعن فاطمة بنت عبد الله امّ عثمان بن أبى العاص قالت لما حضرت ولادة رسول الله صلّى الله عليه وسلم رأيت البيت حين وقع قد امتلأ نورا ورأيت النجوم تدنو حتى ظننت انها ستقع علىّ رواه البيهقى* وأخرج أحمد والبزار والطبرانى والحاكم والبيهقى عن العرباض بن سارية كما ذكر فى اوّل الكتاب ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال انى عبد الله وخاتم النبيين وان آدم لمنجدل فى طينته وسأخبركم عن ذلك أنا دعوة ابراهيم وبشارة عيسى ورؤيا أمى التى رأت وكذلك أمهات الانبياء يرين وان أمّ رسول الله رأت حين وضعته نورا أضاءت له قصور الشام* قال الحافظ ابن حجر صححه ابن حبان والحاكم واخرج ابو نعيم عن بردة عن مرضعته فى بنى سعد أن آمنة قالت رأيت كأنه خرج من فرجى شهاب أضاءت له الارض حتى رأيت قصور الشام* وعن همام بن يحيى عن اسحاق بن عبد الله ان امّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قالت لما ولدته خرج من فرجى نور أضاء له قصور الشام فولدته نظيفا ما به قذر رواه ابن سعد* واخرج ابو نعيم عن عبد الرحمن بن عوف عن أمه الشفاء قالت لما ولدت آمنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقع على يدى فاستهل فسمعت قائلا يقول رحمك الله وأضاءت لى ما بين المشرق والمغرب حتى نظرت الى بعض قصور الروم قالت ثم ألبنته وأضجعته فلم أنشب أن غشيتنى ظلمة ورعب وقشعريرة ثم غيب عنى فسمعت قائلا يقول أين ذهبت به قال الى المشرق قالت فلم يزل الحديث منى على بال حتى بعثه الله فكنت فى أوّل الناس اسلاما ذكرهما فى المواهب اللدنية وذكر فى غيره