صاحب شرابه وقال الخمر التى جئت بها ما قصتها قال هى من حبلة غرستها على قبر أبيك لم يكن عندنا شراب أطيب منها وسأل الراعى عن امر اللحم قال لحم شاة أرضعتها من لبن كلبة ولم يكن فى الغنم اسمن منها فدخل داره وسأل الامة التى عجنت العجين فأخبرته انها كانت حائضا فأتى أمه وسأل منها فأخبرته انهما كانت تحت ملك لا يولد له ذرّية فكرهت أن يذهب الملك فأمكنت رجلا نزل بهم من نفسها فوطئها فأتت به فعجب من أمرهم ودس عليهم من يسألهم عما قالوا فقال مضر انما علمت انها من كرمة غرست على قبر لان الخمر اذا شربت أزالت الهمّ وهذه بخلاف ذلك لاننا لما شربناها دخل علينا الغم* وفى الاكتفاء قال مضر لانه أصابنا عطش شديد وقيل لان الكرم اذا نبت على قبور يكون انفعاله قليلا وقال ربيعة انما علمت انه لحم شاة رضعت من كلبة لان لحم الضأن وسائرا للحوم يكون شحمها فوق اللحم الا لحم الكلب فانه عكس ذلك فرأيته موافقا له فعلمت أنه لحم شاة رضعت من كلبة فاكتسب اللحم منها هذه الخاصية* وفى الاكتفاء قال ربيعة لان لحم الكلب يعلو شحمه وقيل لانى شممت منه رائحة الكلبة وقال اياد انما علمت أن الملك ليس لابيه الذى يدعى اليه لانه صنع طعاما ولم يأكل معنا فعرفت ذلك من طباعه لان أباه لم يكن كذلك وقال انمار انما علمت أن الخبز عجنته حائض لان الخبز اذافت انتفش فى الطعام وهو بخلاف ذلك فقال ما هؤلاء الا شياطين ثم أتاهم فقال لهم قصوا علىّ قصتكم فقصوا عليه ما أوصى به أبوهم وما كان من اختلافهم فقال ما أشبه القبة الحمراء من مال فهو لمضر فصارت اليه الدنانير والابل وهى حمر فسميت مضر الحمراء قال وما أشبه الخباء الاسود من دابة ومال فهو لربيعة فصارت له الخيل وهى دهم فسمى ربيعة الفرس قال وما أشبه الخادم وكانت شمطاء من مال فيه بلق فهو لاياد فصارت له الماشية البلق وقضى لانمار بالدارهم والارض فساروا من عنده على ذلك* وكان يقال ربيعة ومضر هما الصريحان من ولد اسماعيل وروى ميمون بن مهران عن عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لا تنسبوا مضر وربيعة فانهما كانا من المسلمين وقال صلّى الله عليه وسلم فيما روى عنه اذا اختلف الناس فالحق مع مضر وسمع صلّى الله عليه وسلم قائلا يقول
انى امرؤ حميرى حين تنسبنى ... لا من ربيعة آبائى ولا مضرا
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذلك أبعد لك من الله تعالى ورسوله ومما يؤثر من حكم مضر بن نزار ووصاياه من يزرع شرّا يحصد ندامة وخير الخير أعجله فاحملوا أنفسكم على مكروهها فيما أصلحكم واصرفوا عن هواها فيما أفسدها وليس بين الاصلاح والافساد الاصبر فواق* وتزوّج مضر خزيمة فولدت له الياس بكسر الهمزة عند ابن الانبارى وبفتحها عند قاسم بن ثابت ضدّ الرجاء واللام فيه للتعريف والهمزة للوصل قال السهيلى هذا أصح كذا فى المواهب اللدنية واسم الياس حبيب كذا فى سيرة مغلطاى وفيه نور رسول الله صلّى الله عليه وسلم وانما سمى الياس لان مضر كان قد كبر ولم يولد له ولد فولد على الكبر واليأس فسماه الياس* وفى حياة الحيوان كان الياس مؤمنا وكان يسمع من صلبه تلبية النبىّ صلّى الله عليه وسلم بالحج فيتعجب منه* وفى عبارة المنتقى وكان يسمع أحيانا من ظهره دوى تلبية رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولم تزل العرب تعظم الياس بن مضر تعظيم أهل الحكمة كلقمان وأشباهه وكان يدعى كبير قومه وسيد عشيرته ولا يقطع أمر ولا يقضى لهم دونه* وفى الاكتفاء فولد مضر بن نزار ابنين الياس بن مضر وغيلان بن مضر قال الزبير أمهما الخنفاء بنت اياد بن معد وقال ابن هشام أمهما جرهمة ولما أدرك الياس بن مضر أنكر على بنى اسماعيل ما غيروا من سنن آبائهم وسيرهم وبان فضله عليهم وألان جانبه لهم حتى جمعهم وردّهم على سنن آبائهم وهو أوّل من أهدى البدن الى البيت أو فى زمانه وأوّل من وضع الركن للناس بعد هلاكه حين غرق البيت وانهدم