فانغلقت له فدخل فيها فأدركه الشيطان فأخذ هدبة من ثوبه فأراهم اياها فوضعوا المنشار فى وسطها فنشروها حتى قطعوها وقطعوه فى وسطها ومثل هذا منقول فى قتل زكريا أيضا كما سيجىء واستخلف الله على بنى اسرائيل بعد ذلك رجلا يقال له ناشية بن أموص وبعث لهم أرميا بن حلقيا نبيا وكان من سبط هارون بن عمران وذكر ابن اسحاق انه الخضر واسمه ارميا سمى الخضر لانه جلس على فروة بيضاء فقام عنها وهى تهتز خضراء فبعث الله أرميا الى ذلك الملك يسدّده ويرشده ثم عظمت الاحداث فى بنى اسرائيل وركبوا المعاصى واستحلوا المحارم فأوحى الله الى أرميا أن ائت قومك من بنى اسرائيل فاقصص عليهم ما آمرك به وذكرهم نعمتى وعرّفهم باحداثهم فقال أرميا انى ضعيف ان لم تقوّنى عاجز ان لم تبلغنى مخذول ان لم تنصرنى* قال الله تعالى أولم تعلم أن الامور كلها تصدر عن مشيئتى وان القلوب والالسنة بيدى أقلبها كيف شئت انى معك ولن يصل اليك شىء وانا معك فقام أرميا ولم يدر ما يقول فألهمه الله عز وجل فى الوقت خطبة بليغة بين لهم فيها ثواب الطاعة وعقاب المعصية وقال فى آخرها عن الله عز وجل وانى جلفت بعزتى لا قضين لهم فتنة يتحير فيها الحليم ولا سلطنّ عليهم جبارا قاسيا ألبسه الهيبة وأنزع من صدره الرحمة يتبعه عدد مثل سواد الليل المظلم* ثم أوحى الله الى أرميا انى مهلك بنى اسرائيل بيافث ويافث أهل بابل فسلط عليهم بخت نصر فخرج فى ستمائة ألف راية ودخل بيت المقدس وأمر جنوده أن يملأ كل رجل منهم ترسه ترابا ثم يقذفه فى بيت المقدس ففعلوا حتى ملؤه ثم أمرهم أن يجمعوا من فى بلدان بيت المقدس كلهم فاجتمع عنده كل صغير وكبير من بنى اسرائيل فاختار منهم سبعين ألف صبى فلما خرجت غنائم جنده وأراد أن يقسمها فيهم قالت له الملوك الذين كانوا معه أيها الملك لك غنائمنا كلها واقسم بيننا هؤلاء الصبيان الذين اخترتهم من بنى اسرائيل فقسمهم بين الملوك الذين كانوا معه فأصاب كل رجل منهم أربعة غلمة وفرّق من بقى من بنى اسرائيل ثلاث فرق ثلثا أقرّ بالشام وثلثا سبى وثلثا قتل وذهب بابنه بيت المقدس وبالصبيان السبعين ألف حتى قدم بابل وكانت هذه الوقعة الاولى التى أنزل الله عز وجل ببنى اسرائيل بظلمهم فذلك قوله تعالى فاذا جاء وعد اولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولى بأس شديد يعنى بخت نصر وأصحابه* ثم ان بخت نصر اقام فى سلطانه ما شاء الله ثم رأى رؤيا عجيبة اذ رأى شيئا أصابه فأنساه الذى رأى وسألهم عنها فدعا دانيال وحنانيا وعزاريا وميشائل وكانوا من ذرارى الانبياء وسألهم عنها فقالوا أخبرنا بها نخبرك بتأويلها قال ما أذكرها ولئن لم تخبرونى بها وبتأويلها لانزعنّ أكتافكم فخرجوا من عنده فدعوا الله وتضرّعوا اليه فأعلمهم الله الذى سألهم عنه فجاؤه فقالوا رأيت تمثالا قدماه وساقاه من فخار وركبتاه وفخذاه من نحاس وبطنه من فضة وصدره من ذهب ورأسه وعنقه من حديد قال صدقتم قال فبينما تنظر اليه وقد أعجبك أرسل الله صخرة من السماء فدقته فهى التى أنستكها قال صدقتم فما تأويلها قالوا تأويلها انك أريت ملك الملوك بعضهم كان ألين ملكا وبعضهم كان أحسن ملكا وبعضهم كان أشدّ ملكا الفخار أضعفه ثم فوقه النحاس أشد منه ثم فوق النحاس الفضة أحسن من ذلك وأفضل والذهب أحسن من الفضة وأفضل ثم الحديد ملكك فهو أشدّ واعز مما كان قبله والصخرة التى رأيت أرسل الله من السماء فدقته نبى يبعثه الله من السماء فيدق ذلك اجمع ويصير الامر اليه ثم ان أهل بابل قالوا البخت نصر أرايت هؤلاء الغلمان من بنى اسرائيل الذى سألناك أن تعطيناهم ففعلت فانا قد أنكرنا نساءنا منذ كانوا معنا لقد رأينا نساءنا انصرفت وجوههم عنا اليهم فأخرجهم من بين اظهرنا أو اقتلهم فقال شأنكم بهم فمن احب ان يقتل من كان فى يده فليفعل فلما قربوهم للقتل بكوا وتضرّعوا الى الله عز وجل وقالوا يا ربنا أصابنا البلاء بذنوب غيرنا فوعدهم ان يحييهم فقتلوا الا من كان منهم مع بخت نصر منهم دانيال