للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوّل ما بدأ به عبد المطلب من حفرها كما روى عن عبد الله بن زريق الغافقى أنه سمع علىّ بن أبى طالب يحدث حديث زمزم حين أمر عبد المطلب بحفرها* قال قال عبد المطلب انى لنائم فى الحجر اذ أتانى آت فقال احفر طيبة قلت وما طيبة قال قال ثم ذهب عنى فلما كان الغد رجعت الى مضجعى فنمت فيه فجاءنى فقال احفر برة قلت وما برة ثم ذهب عنى فلما كان الغد رجعت الى مضجعى فنمت فيه فجاءنى فقال احفر المضنونة قلت وما المضنونة ثم ذهب عنى فلما كان الغد رجعت الى مضجعى فنمت فيه فجاءنى فقال احفر زمزم قال قلت وما زمزم قال لا تنزف أبدا ولا تذم تسقى الحجيج الاعظم وهى بين الفرث والدم عند نقرة الغراب الاعصم عند قرية النمل وكذا أورده ابن الجورى فى الحقائق الا انه لم يذكر عند قرية النمل وزاد بعد نقرة الغراب الاعصم قوله وهى شرف لك ولولدك وكان غراب أعصم لا يبرح عند الذبائح مكان الفرث والدم* قال ابن اسحاق فلما بين له شأنها ودل على موضعها وعرف أنه قد صدق غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث بن عبد المطلب ليس له يومئذ ولد غيره فجعل يحفر ثلاثة أيام حتى بدا له كذا فى الحقائق فلما بدا لعبد المطلب الطى كبر وقال هذا لطوى اسماعيل فعرفت قريش انه قد أدرك حاجته فقاموا اليه فقالوا يا عبد المطلب انها بئرأ بينا اسماعيل وان لنا فيها حقا فأشركنا معك فيها قال ما أنا بفاعل ان هذا الامر قد خصصت به دونكم وأعطيته من بينكم قالوا له فأنصفنا فانا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها قال فاجعلوا بينى وبينكم من شئتم أحاكمكم اليه قالوا كاهنة بنى سعد بن هذيم قال نعم وكانت باشراف الشام فركب عبد المطلب ومعه نفر من بنى أمية من بنى عبد مناف وركب من كل قبيلة من قريش نفر قال والارض اذ ذاك مفازة فخرجوا حتى اذا كانوا ببعض تلك المفاوز بين الحجاز والشام فنى ماء عبد المطلب وأصحابه فظمئوا حتى أيقنوا بالهلكة فاستسقوا من معهم من قبائل قريش فأبوا عليهم وقالوا انا بمفازة نخشى على أنفسنا مثل ما أصابكم فلما رأى عبد المطلب ما صنع القوم وما يتخوّف على نفسه وأصحابه قال فماذا ترون قالوا ما رأينا الا تبع لرأيك فمرنا بما شئت قال فانى أرى أن يحفر كل رجل منكم حفيرة لنفسه بما بكم الآن من القوّة فكلما مات رجل دفنه أصحابه فى حفرته ثم واروه حتى يكون آخركم رجلا واحدا فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب جميعا قالوا نعم ما أمرت به فقام كل رجل منهم فخفر حفرته ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشا ثم ان عبد المطلب قال لاصحابه والله ان القاءنا بأيدينا هكذا للموت لا نضرب فى الارض ونبتغى لا نفسنا لعجز فعسى الله أن يرزقنا ماء ببعض البلاد ارتحلوا فارتحلوا حتى اذا فرغوا ومن معهم من قبائل قريش ينظرون اليهم ما هم فاعلون تقدّم عبد المطلب الى راحلته فركبها فلما انبعثت به انفجرت من تحت خفها عين ماء عذب فكبر عبد المطلب وكبر أصحابه ثم نزل فشرب وشرب أصحابه واستقوا حتى ملؤا أسقيتهم ثم دعا القبائل من قريش وقال هلمّ الى الماء فقد سقانا الله فاشربوا واستقوا فجاؤا فشربوا واستقوا ثم قالوا قدو الله قضى لك علينا يا عبد المطلب والله لا نخاصمك فى زمزم أبدا ان الذى سقاك هذا الماء بهذه الفلاة هو الذى سقاك زمزم فارجع الى سقايتك راشدا فرجع ورجعوا معه ولم يصلوا الى الكاهنة وخلوا بينه وبينها* قال ابن اسحاق فهذا الذى بلغنى من حديث على بن أبى طالب رضى الله عنه فى زمزم وقد سمعت من يحدّث عن عبد المطلب أنه قيل له حين أمر بحفر زمزم

ثم ادع بالماء الروا غير الكدر ... تسقى حجيج الله فى كل مبر

ليس يخاف منه شىء ما عمر

فخرج عبد المطلب حين قيل له ذلك الى قريش فقال تعلمون انى قد أمرت أن أحفر زمزم قالوا فهل بين لك أين هى قال لا قالوا فارجع الى مضجعك الذى رأيت فيه ما رأيت فان يك حقا من الله يبين لك أين هى وان يكن من الشيطان فلن يعود اليك فرجع عبد المطلب الى مضجعه فنام فيه فأتى فقيل له احفر

<<  <  ج: ص:  >  >>