اليه قدرته فى محبته صلّى الله عليه وسلم لعمرى انما يكون جزاؤه من الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيم ولا يزال أهل الاسلام يحتفلون بشهر مولده عليه السلام ويعملون الولائم ويتصدّقون فى لياليه بأنواع الصدقات ويظهرون السرور ويزيدون فى المبرات ويعتنون بقراءة مولده الكريم ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم* ومما جرّب من خواصه انه أمان فى ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام ولقد أطنب ابن الحاج فى المدخل فى الانكار على ما أحدثه الناس من البدع والاهواء والتغنى بالآلات المحرّمة عند عمل المولد الشريف فالله تعالى يثيبه على قصده الجميل ويسلك بنا سبيل السنة فانه حسبنا ونعم الوكيل* الظئر الثانية أمّ كبشة حليمة بنت أبى ذؤيب عبد الله بن الحارث بن شحنة بن جابر ابن رزام بن ناضرة بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس بن عيلان ابن مضر وهى التى أرضعته حتى أكملت رضاعه بلبن زوجها الحارث بن عبد العزى بن رفاعة بن ملآن بن ناضرة بن قصية بن عيلان بن مضر* وفى المواهب اللدنية لما ولد صلّى الله عليه وسلم قيل من يكفل هذه الدرّة اليتيمة التى لا يوجد لها مثل ولا قيمة قالت الطيور نحن نكفله ونغنم خدمته العظيمة وقالت الوحوش نحن أولى بذلك نثال شرفه وتعظيمه فنادى لسان القدرة أن يا جميع المخلوقات ان الله كتب فى سابق حكمته القديمة ان نبيه الكريم يكون رضيعا لحليمة الحليمة* روى عن مجاهد أنه قال قلت لابن عباس أوقد تنازعت الطيور فى ارضاع محمد صلّى الله عليه وسلم فقال اى والله وكل نساء الجنّ وذلك انه لما نادى الملك فى سماء الدنيا هذا محمد سيد الانبياء طوبى لثدى أرضعته تنافست الجنّ والطير فى ارضاعه فنوديت أن كفوا فقد أجرى الله ذلك على أيدى الانس فخص الله تعالى بتلك السعادة وشرف بذلك الشرف حليمة بنت أبى ذؤيب* روى انه كان من عادة أشراف قريش وديدن صناديدهم أن يدفعوا أولادهم الرضعاء الى المراضع ليتيسر اشتغال نسائهم بالازواج فى كل الحال بحضور القلب وفراغ البال ولازدياد النسل والاولاد وبقائهم مصونة عن مضرة الغيل والفساد ولنشوهم فى القبائل المعروفة بلادهم بطيب الهواء وقلة الرطوبة وعذوبة الماء اذ لها مدخل عظيم وتأثير بليغ فى فصاحة المولود ولهذا قال صلّى الله عليه وسلم أنا أعربكم أنا من قريش واسترضعت فى بنى سعد بن بكر وكانت مشهورة بين العرب بكمال الجود وتمام الشرف وكانت نساء القبائل التى حوالى مكة ونواحي الحرم يأتينها فى كل عام مرّتين ربيعا وخريفا يلتمسن الرضعاء ويذهبن بهم الى بلادهنّ حتى تتمّ الرضاعة* وفى المواهب اللدنية قالت حليمة فيما رواه ابن اسحاق وابن راهويه وأبو يعلى والطبرانى والبيهقى وأبو نعيم قدمت مكة فى نسوة من بنى سعد بن بكر نلتمس الرضعاء فى سنة شهباء فقدمت على أتان لى ومعى صبى لى وشارف لنا والله ما تبض بقطرة لبن وما ننام ليلنا ذلك أجمع مع صبينا ذاك لا يجد فى ثديى ما يغنيه ولا فى شارفنا ما يغذيه فقدمنا مكة فو الله ما علمت منا امرأة الا وقد عرض عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلم فتأباه اذا قيل يتيم فو الله ما بقى من صواحبى امرأة الا أخذت رضيعا غيرى فلم أجد غيره قلت لزوجى والله انى لاكره أن أرجع من بين صواحبى ليس معى رضيع لانطلقنّ الى ذلك اليتيم فلآخذنه فذهبت فاذا به مدرج فى ثوب صوف أبيض من اللبن يفوح منه رائحة المسك وتحته حريرة خضراء وهو راقد على قفاه يغط فأشفقت أن أوقظه من نومه لحسنه وجماله فدنوت منه رويدا فوضعت يدى على صدره فتبسم ضاحكا وفتح عينيه ينظر الىّ فخرج من عينيه نور حتى دخل خلال السماء وأنا أنظر اليه فقبلته بين عينيه وأعطيته ثديى الايمن فأقبل عليه بما شاء من اللبن فحوّلته الى الايسر فأبى وكانت تلك بعد عادته* قال العلماء فأعلمه الله ان له شريكا فألهمه العدل فروى وروى أخوه ثم أخذته فما هو الا أن جئت به رحلى فقام صاحبى تعنى زوجها الى شارفنا تلك فاذا انها