أمورهم فقال افعل فجمع له سليمان الناس فقام فيهم خطيبا فذكر من مضى من أنبياء الله واثنى على كل نبىّ بما فيه وذكر ما فضله الله به حتى انتهى الى سليمان فقال ما كان أحلك وأورعك فى صغرك وأفضلك فى صغرك وأحكم أمرك فى صغرك وأبعدك عن كل ما يكره فى صغرك ثم انصرف فوجد سليمان فى نفسه من ذلك شيئا ملأه غضبا وغيظا فلما دخل سليمان داره أرسل اليه فقال يا آصف ذكرت من مضى من انبياء الله بما اثنيت عليهم خيرا فى كل زمان وعلى كل حال من أمرهم فلما ذكرتنى جعلت تثنى علىّ خيرا فى صغرى وسكت عما سوى ذلك من أمرى فى كبرى فما الذى حدث فى آخر أمرى فقال ان غير الله ليعبد فى دارك منذ أربعين صباحا فى هوى امرأة فقال فى دارى قال فى دارك فقال انا لله وانا اليه راجعون لقد عرفت انك ما قلت الذى قلت الا عن شىء بلغك فرجع سليمان الى داره وكسر ذلك الصنم وعاقب تلك المرأة وولائدها ثم أمر بثياب الطهارة فأتى بثياب لا يغزلها الا الابكار ولا ينسجها الا الابكار ولا يغسلها الا الابكار ولم تمسها امرأة قد رأت الدم فلبسها ثم خرج الى فلاة من الارض وحده فأمر برماد ففرش له ثم أقبل تائبا الى الله عز وجل حتى جلس على ذلك الرماد وتمعك فيه بثيابه تذللا لله عز وجل وتضرعا اليه يبكى ويدعو الله ويستغفر مما كان فى داره فلم يزل كذلك يومه حتى أمسى ثم رجع الى داره وكانت له أمّ ولد يقال لها الامينة كان اذا دخل مذهبه أو أراد اصابة امرأة من نسائه وضع خاتمه عندها حتى يتطهر وكان لا يمس خاتمه الا وهو طاهر وكان ملكه فى خاتمه فوضعه يوما عندها ثم دخل مذهبه فأتاها الشيطان صاحب البحر واسمه صخر على صورة سليمان لا تنكر منه شيئا فقال خاتمى يا أمينة فناولته اياه فجعله فى يده ثم خرج حتى جلس على سرير سليمان وعكفت عليه الطير والجنّ والانس وخرج سليمان فأتى الامينة وقد غيرت حالته وهيئته عند كل من رآه فقال يا أمينة خاتمى قالت له من أنت قال أنا سليمان بن داود قالت كذبت قد جاء سليمان وأخذ خاتمه وهو جالس على سرير ملكه فعرف سليمان ان خطيئته قد أدركته فخرج وهو خائف وجعل يقف على الدار من دور بنى اسرائيل ويقول أنا سليمان بن داود فيحثون عليه التراب ويسبونه ويقولون انظروا الى هذا المجنون أى شىء يقول يزعم انه سليمان فلما رأى سليمان ذلك عمد الى البحر فكان ينقل الحيتان لاصحاب البحر الى السوق فيعطونه كل يوم سمكتين فاذا أمسى باع احدى سمكتيه بأرغفة وشوى الاخرى فأكلها فمكث كذلك أربعين صباحا عدّة ما كان الوثن يعبد فى داره وانكر آصف وعظماء بنى اسرائيل حكم عدوّ الله الشيطان فى تلك الاربعين يوما فقال آصف يا معشر بنى اسرائيل هل رأيتم من اختلاف حكم نبىّ الله سليمان بن داود ما رأيت قالوا نعم قال أمهلونى حتى أدخل على نسائه فأسألهنّ هل انكرن شيئا منه من خاصة أمره ما أنكرنا فى عامة أمر الناس وعلانيته فدخل على نسائه فقال ويحكنّ هل أنكرتن من أمر ابن داود اليه راجعون ان هذا لهو البلاء المبين ثم خرج على بنى اسرائيل فقال ما فى الخاصة أكثر مما فى العامة فلما مضى أربعون صباحا طار ذلك الشيطان من مجلسه ثم مرّ بالبحر فقذف الخاتم فيه فبلعته سمكة فأخذها بعض الصيادين وقد عمل له سليمان صدر يومه ذلك حتى اذا كان العشى أعطاه سمكتيه فأعطى السمكة التى بلعت الخاتم وخرج سليمان بسمكتيه فباع التى ليس فى بطنها الخاتم بالارغفة ثمّ عمد الى السمكة الاخرى فبقرها ليشويها فاستقبله خاتمه فى جوفها فأخذه وجعله فى يده ووقع ساجد الله تعالى فعكفت عليه الطير والجنّ وأقبل عليه الناس وعرف الذى قد كان دخل عليه مما كان أحدث فى داره ورجع اليه ملكه وأظهر التوبة من ذنبه وأمر الشياطين فقال ائتونى بصخر فأتوه به فأخذه بعد أن جاؤا به اليه فجاب له صخرة فأدخله فيها ثم سدّ عليه بأخرى ثم أوثقه فيها بالحديد وسبك عليه بالرصاص