كان يوضع فيه فراش النبىّ صلّى الله عليه وسلم اذا اعتكف* وفى خبر لابن زبالة ان اسطوانة التوبة بينها وبين القبر اسطوانة وان ابن عمر كان يقول هى الثانية من القبر قال ابن زبالة بينها وبين القبر الشريف عشرون ذراعا* قلت فهى الرابعة من المنبر والثانية من القبر والثالثة من القبلة والخامسة فى زماننا من رحبة المسجد وهى بين اسطوانة عائشة وبين الاسطوانة اللاصقة بشباك الحجرة وكان فيها محراب من الجص يميزها من غيرها زال بعد الحريق الثانى انتهى* ثم ان ثعلبة بن شعبة وأسد بن شعية وأسد بن عمير وهم نفر من هذيل ليسوا من بنى قريظة ولا من بنى النضير نسبهم فوق ذلك هم بنو عم القوم أسلموا تلك الليلة التى نزلت بنو قريظة على حكم رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأحرزوا دماءهم وأموالهم وكان اسلامهم فيما زعموا عما كان ألقاه اليهم من أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم ابن الهيبان القادم اليهم قبل الاسلام متوكفا لخروج رسول الله صلّى الله عليه وسلم ومحققا لنبوّته فنفع الله هؤلاء الثلاثة بذلك واستنقذهم به من النار وخرج فى تلك الليلة عمرو بن سعد القرظى فمرّ بحرس رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعليهم محمد بن مسلمة فلما رأوه قالوا من هذا قال أنا عمرو بن سعد وكان عمرو قد أبى أن يدخل مع بنى قريظة فى غدرهم برسول الله صلّى الله عليه وسلم وقال لا أغدر بمحمد أبدا فقال محمد بن مسلمة حين عرفه اللهمّ لا تحرمنى عثرات الكرام ثم خلى سبيله فخرج على وجهه حتى بات فى مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالمدينة تلك الليلة ثم ذهب فلم يدر أين توجه من أرض الله الى اليوم فذكر شأنه لرسول الله فقال ذاك رجل نجاه الله بوفائه وبعض الناس يزعم انه كان أوثق برمّة فيمن أوثق من بنى قريظة حين نزلوا على حكم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأصبحت رمّة ملقاة ولا يدرى أين ذهب فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم تلك المقالة والله أعلم أى ذلك كان كذا فى الاكتفاء* ولما استشار بنو قريظة أبا لبابة وهو أشار الى القتل قالوا ننزل على حكم سعد بن معاد فتواثب الاوس وقالوا يا رسول الله ان بنى قريظة موالينا دون الخزرج وقد أحسنت الى موالى الخزرج بالامس يعنى بنى قينقاع فأحسن الى موالينا وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قبل بنى النضير حاصر بنى قينقاع وهم رهط عبد الله بن سلام الحبر وكانوا حلفاء الخزرج فنزلوا على حكم رسول الله فأراد صلّى الله عليه وسلم قتلهم فشفع فيهم عبد الله بن أبى بن سلول وبالغ فى السؤال وألح حتى وهبهم له رسول الله صلّى الله عليه وسلم كما مرّ فلما تكلم الاوس فى بنى قريظة قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ألا ترضون يا معشر الاوس أن يحكم فيهم رجل منكم قالوا بلى قال فذلك سعد بن معاذ فأخرجت بنو قريظة من الحصن وجمعت أمتعتهم وأقمشتهم وأسلحتهم قيل كان السيف ألفا وخمسمائة والدرع ثلثمائة والرمح ألفا والترس خمسمائة والاثاث والامتعة والنواضح والمواشى كثيرة فجلس النبىّ صلّى الله عليه وسلم فى موضع وبعث الى المدينة من يأتى بسعد بن معاذ وكان أصابه سهم بالخندق فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم سعد أن يجعلوه فى خيمة امرأة من المسلمين يقال لها رفيدة فى مسجده وكانت تداوى الجرحى تحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين وقال صلّى الله عليه وسلم اجعلوه فى خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب فلما حكمه رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى بنى قريظة أتاه قومه فاحتملوه على حمار عليه اكاف من ليف قد أوطؤا له بوسادة من أدم وكان رجلا جسيما ثم أقبلوا معه الى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهم يقولون يا أبا عمرو أحسن فى مواليك فان رسول الله ما ولاك ذاك الا لتحسن فيهم فلما أكثروا عليه قال انى سعد أى لا تأخذه فى الله لومة لائم* وفى الصفوة وسعد لا يرجع اليهم شيئا حتى اذا دنا من دورهم التفت اليهم وقال قد آن لى أن لا
أبالى فى الله لومة لائم* وفى الوفاء لقد آن لسعد أن لا تأخذه فى الله لومة لائم ولما سمعوا كلامه علموا انه سيحكم