تدخل علينا مكة وانه اذا كان عام قابل خرجنا عنها فدخلتها أنت وأصحابك فأقمت فيها ثلاثا مع سلاح الراكب السيوف فى القرب لا تدخلها بغيرها* وفى رواية ولا تدخلها الا بجلباب السلاح السيف والقوس ونحو ذلك كذا فى المنتقى* وفى رواية لما بلغ هذا الشرط ان من أتى محمدا من قريش ردّه عليهم وان كان مسلما ومن جاء قريشا ممن مع محمد لم يردّوه عليه تعجب المسلمون من هذا الشرط فقالوا سبحان الله كيف نردّ من أتانا مسلما وقالوا يا رسول الله أنكتب هذا قال نعم انه من ذهب منا اليهم فأبعده الله ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا* وفى رواية قال عمر عند ذلك أترضى بهذا الشرط يا رسول الله فتبسم النبىّ صلى الله عليه وسلم وقال من جاءنا منهم فرددناه اليهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا ومن أعرض عنا وذهب اليهم لسنا منه فى شئ أو ليس منا بل هو أولى بهم فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب الكتاب هو وسهيل بن عمرو اذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف فى قيده وقد انفلت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين فقال سهيل يا محمد هذا أوّل ما أقاضيك عليه ان تردّه الىّ فقال انا لم نقض الكتاب بعد قال فو الله ما أصالحك على شىء أبدا قال النبىّ صلى الله عليه وسلم فأجره لى قال ما أنا بمجير لك قال بلى فافعل قال ما أنا بفاعل قال مكرز بلى قد أجرناه لك قال لا تعذبه وكان قد عذب فى الله عذابا شديدا فضمن له ذلك مكرز بن حفص فلما رأى سهيل أبا جندل قام اليه وضرب وجهه وأخذ بتلبيبه وجرّه ليردّه الى قريش فجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته ويقول يا معشر المسلمين أردّ الى المشركين يفتنونى فى دينى فزاد الناس ذلك الى ما بهم* وفى رواية قام سهيل الى سمرة وجز منها غصنا وضرب به وجه أبى جندل ضربا رق عليه المسلمون وبكوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا جندل اصبر واحتسب فانّ الله جاعل لك ولمن معك من المسلمين فرجا ومخرجا اننا قد عقدنا بيننا وبين القوم عقدا واصطلحنا وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عهد الله وانا لا نغدر بهم فوثب عمر بن الخطاب يمشى الى جنب أبى جندل ويقول اصبر يا أبا جندل فانما هم المشركون وانما دم أحدهم كدم كلب ويدنى عمر وهو قائم السيف منه يقول رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه فضنّ الرجل بأبيه* وفى رواية قال أبو جندل يا عمر ما أنت بأحرى بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم منى* وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا وهم لا يشكون فى الفتح لرؤيارآها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوا ما رأوا من الصلح والرجوع من غير فتح وما تحمل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى نفسه دخل الناس من ذلك أمر عظيم حتى كادوا يهلكون* وروى عن عمر أنه قال والله ما شككت منذ أسلمت الا يومئذ فأتيت النبىّ صلى الله عليه وسلم فقلت ألست نبىّ الله حقا قال بلى قلت ألسنا على الحق وعدوّنا على الباطل قال بلى قلت أليس قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار قال بلى قلت فلم نعطى الدنية فى ديننا قال انى رسول الله ولست أعصيه وهو ناصرى قلت أو لست كنت تحدّثنا أنا سنأتى البيت فنطوف به قال بلى أفأخبرتك انا نأتيه العام قلت لا قال فانك آتيه ومطوّف به قال فأتيت أبا بكر فقلت يا أبا بكر أليس هذا نبىّ الله حقا قال بلى قلت فلم نعطى الدنية فى ديننا قال أيها الرجل انه رسول الله ولن يعصيه فاستمسك بغرزه فو الله انه لعلى الحق المبين فكان عمر رضى الله عنه يقول ما زلت أتصدّق وأصوم وأصلى وأعتق من الذى صنعت يومئذ مخافة كلامى الذى تكلمت به حين رجوت أن يكون خيرا كذا فى الاكتفاء* وفى غيره قال عمر جعلت كثيرا من الاعمال الصالحة من الصوم والصلاة والصدقة والاعتاق كفارة لتلك الجراءة التى صدرت منى
يومئذ وما فى الاكتفاء مغاير لما ذكرنا حيث قال فلما التأم الامر ولم يبق الا الكتاب وثب عمر بن الخطاب فأتى أبا بكر فقال يا أبا بكر أليس هذا برسول الله قال بلى قال