أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط فخرج أخواها عمارة والوليدا بنا عقبة حتى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم يسئلانه ان يردّها عليهما بالعهد الذى بينه وبين قريش بالحديبية فلم يفعل وقال أبى الله ذلك وأنزل فيه على رسوله* يا أيها الذين آمنوا اذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهنّ الاية فكأنّ الاية بيان انّ ذلك الرد فى الرجال لا فى النساء لانّ المسلمة لا تحلّ للكافر فلما تعذر ردّهنّ لورود النهى عنه لزم ردّ مهورهنّ فأمر النبىّ صلى الله عليه وسلم أن لا ترجع المؤمنات الى الكفار لشرف الاسلام وأن لا تكون كافرة فى نكاح مسلم لقوله تعالى ولا تمسكوا بعصم الكوافر* العصم جمع عصمة وهى ما يعتصم به من عقد ونسب والكوافر جمع كافرة وهى التى بقيت فى دار الحرب أو لحقت بها مرتدة والمراد نهى المؤمنين عن البقاء على نكاح المشركات فطلق الاصحاب كل امرأة كافرة فى نكاحهم وطلق عمر بن الخطاب يومئذ امرأتين له مشركتين بمكة فتزوّج احداهما معاوية بن أبى سفيان والآخرى صفوان بن أمية وعن ابن عباس يعنى من كانت له امرأة بمكة فلا يعدّها من نسائه لان اختلاف الدارين قطع عصمتها منه* قال أهل السير أقام النبىّ صلى الله عليه وسلم بالحديبية قريبا من عشرين يوما ثم رجع الى المدينة* روى انه صلى الله عليه وسلم لما رجع من الحديبية وكان بضجنان كسكران جبل بقرب مكة نزلت عليه ليلة سورة انا فتحنا لك فتحا مبينا والمراد من الفتح المبين عند بعض المفسرين فتح الحديبية وسمى فتحا لانه كان مقدمة لفتوح كثيرة كما ورد فى كتب التفاسير والسير من أن الذين أسلموا فى سنتى الصلح يعدلون الذين أسلموا قبلهما وبعض المفسرين على ان المراد بالفتح المبين فتح مكة أو فتح خيبر الذى وعده الله لرسوله وانما أدّى بصيغة الماضى لان اخبار الله فى التحقق بمنزلة الكائن الموجود والله أعلم* روى أن النبىّ صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة من الحديبية جاءه أبو بصير عتبة بن أسد بن حارثة رجل من قريش وهو مسلم وكان ممن حبس بمكة فكتب أزهر بن عبد بن عوف والاخنس بن شريق الثقفى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا وبعثا فى طلبه رجلا من بنى عامر بن لؤى ومعه مولى لهم فقدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بالكتاب وقالا العهد الذى جعلت لنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بصير انا أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت ولا يصح فى ديننا الغدر وان الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا ثم دفعه الى الرجلين فخرجا به وانطلق معهما حتى بلغا ذا الحليفة فنزلوا هناك فدخل أبو بصير المسجد وركع ركعتين ثم جلسوا يتغدّون ويأكلون من تمر لهم فقال أبو بصير لاحد الرجلين والله انى لارى سيفك هذا يا اخا بنى عامر صار ما جيدا فاستله الاخر فقال أجل انه والله لجيد لقد جربت به ثم جربت فقال أبو بصير أرنى أنظر اليه فأمكنه منه فضربه به حتى برد* وفى رواية استله أبو بصير فضربه به حتى برد وذكر ابن عقبة ان الرجل هو الذى سل سيفه ثم هزه وقال لا ضربن بسيفى هذا فى الاوس والخزرج يوما الى الليل فقال له أبو بصير فصارم سيفك هذا فقال نعم فقال ناولنيه لا نظر اليه فناوله اياه فلما قبض عليه ضربه به حتى برد ويقال بل تناول أبو بصير سيف الرجل بفيه فقطع أساره ثم ضربه به حتى برد وطلب الاخر فخرج مرعوبا حتى دخل المسجد* وفى رواية وفرّ الاخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعد وحتى لتطن الحصباء من شدّة سعيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد لقى هذا ذعرا فلما انتهى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ويلك مالك قال قتل صاحبكم صاحبى وانى لمقتول* وفى الاكتفاء قال ويحك مالك قال قد قتل صاحبكم صاحبى قال فو الله ما برح حتى طلع أبو بصير متوشحا السيف حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبى الله قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتنى اليهم ثم أنجانى الله منهم فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم ويل أمه مسعر حرب لو