الخيل شيئا ارفعهم الى ممتنع بلادهم وعلياء قومهم ثم الق الصبا على متون الخيل فان كانت لك لحق بك من وراءك وان كانت عليك ألقاك ذلك وقد أحرزت أهلك ومالك قال والله لا أفعل انك قد كبرت وكبر عقلك والله لتطيعننى يا معشر هوازن أو لأتكئن على هذا السيف حتى يخرج من ظهرى وكره أن يكون لدريد فيها ذكر ورأى قالوا أطعناك قال دريد هذا يوم لم أشهده ولم يفتنى
يا ليتنى فيها جذع ... أخب فيها وأضع
أقور وطفاء الزمع ... كأنها شاة صدع
وبعث مالك بن عوف عيونا من رجاله فأتوه وقد تفرّقت أوصالهم فقال ويلكم ما شأنكم قالوا رأينا رجالا بيضا على خيل بلق والله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى فو الله ما ردّه ذلك عن وجهه أن مضى على ما يريد* ولما سمع بهم نبىّ الله صلى الله عليه وسلم بعث اليهم عبد الله بن أبى حدرد الاسلمى فدخل فيهم حتى سمع وعلم ما قد أجمعوا عليه من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع من مالك وأمر هوازن ما هم عليه ثم أقبل حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر ولما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم السير الى هوازن ذكر له انّ عند صفوان بن أمية ادراعا له وسلاحا فأرسل اليه وهو يومئذ مشرك فقال يا أبا أمية أعرنا سلاحك هذا نلق فيه عدوّنا غدا فقال صفوان أغصبا يا محمد فقال بل عارية مضمونة حتى نؤدّيها اليك فقال ليس بهذا بأس فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح فزعموا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله أن يكفيهم حملها ففعل* وفى شفاء الغرام جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شوّال هذه السنة عتاب بن أسيد بن أبى العيص بن أمية بن عبد شمس على مكة أميرا ومعاذ بن جبل اماما بها ومفتيا لمن فيها* وذكر ابن عبد البرّ أنّ عتاب بن أسيد أسلم يوم فتح مكة واستعمله النبىّ صلى الله عليه وسلم عليها حين خرج الى حنين فأقام عتاب للناس الحج تلك السنة وهى سنة ثمان ثم قال فلم يزل عتاب أميرا على مكة حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقرّه أبو بكر الصدّيق رضى الله عنه وقيل ماتا فى يوم واحد وكذلك كان يقول ولد عتاب وقال محمد بن سلام وغيره جاء نعى أبى بكر الصديق رضى الله عنه الى مكة يوم دفن عتاب بن أسيد بها وقال السهيلى قال أهل التعبير رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام أسيد بن أبى العيص واليا على مكة مسلما فمات على الكفر وكانت الرؤيا لولده عتاب حين أسلم فولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكة وهو ابن احدى وعشرين سنة* وفى الاكتفاء ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عامد الحنين معه ألفان من أهل مكة وعشرة آلاف من أصحابه الذين فتح الله عليهم فكانوا اثنى عشر ألفا وذكر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين فصل من مكة الى حنين ورأى كثرة من معه من جنود الله لن نغلب اليوم من قلة وزعم بعض الناس أنّ رجلا من بنى بكر قالها* وفى رواية يونس بن بكير عن الربيع قال رجل يوم حنين لن نغلب اليوم فشق ذلك من قلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم* وفى رواية أنّ أبا بكر قاله للنبىّ صلى الله عليه وسلم أو لسلمة بن سلامة بن وقش وقيل قائله سلمة فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم كلامه فوكلوا الى كلمة الرجل فالهزيمة لجيش الاسلام فى أوّل الحال كانت بسببه* وفى رواية باهى العباس بكثرة العسكر فمنعه النبىّ صلى الله عليه وسلم وقال تستنصر بصعاليك الامة* وفى المواهب اللدنية ثم خرج من مكة الى حنين يوم السبت لست ليال خلون من شوّال فى اثنى عشر ألفا من المسلمين عشرة آلاف من أهل المدينة من المهاجرين والانصار وغيرهم والفان ممن أسلم من أهل مكة وهم الطلقاء يعنى الذين خلى عنهم يوم فتح مكة وأطلقهم فلم يسترقهم واحدهم طليق فعيل بمعنى مفعول وهو الاسير اذا أطلق سبيله وخرج معه ثمانون من المشركين منهم صفوان بن أمية وقال عطاء كانوا ستة عشر ألفا وقال الكلبى كانوا عشرة آلاف وكانوا يومئذ أكثر مما كانوا فى سائر المواطن