عليه وسلم ضرب عسكره على ثنية الوداع فأقبل عبد الله بن أبى ابن سلول معه على حدة وضرب عسكره أسفل منه نحوذ باب جبل بالمدينة كذا فى القاموس وكان فيما يزعمون ليس بأقلّ العسركين ومعه حلفاؤه من اليهود والمنافقين ممن اجتمع اليه فأقام ما أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سار تخلف عنه فيمن تخلف من المنافقين ورجع الى المدينة وقال يغزو محمد مع جهد الحال والحرّ والبلد البعيد الى ما لا قبل له به يحسب قتال بنى الاصفر اللعب والله لكأنى أنظر الى أصحابه غدا مقرّنين فى الحبال وخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على بن أبى طالب على أهله وأمره بالاقامة فيهم فأرجف به المنافقون وقالوا ما خلفه الا استثقالا له وتخفيفا منه فلما قالوا ذلك أخذ علىّ سلاحه ثم خرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بالجرف فقال يا نبىّ الله زعم المنافقون انك انما خلفتنى انك استثقلتنى وتخففت منى فقال كذبوا ولكنى خلفتك لما تركت ورائى فارجع واخلفنى فى أهلى وأهلك أفلا ترضى يا على أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبىّ بعدى فرجع علىّ الى المدينة ومضى رسول الله صل يالله عليه وسلم على سفره كذا فى الاكتفاء وشرح المواقف وقال الشيخ أبو اسحاق الفيروزابادى فى عقائده أى حين توجه موسى الى ميقات ربه استخلف هارون فى قومه* وفى المنتقى استخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفارى وقيل محمد بن مسلمة انتهى وقال الدمياطى استخلاف محمد بن مسلمة هو أثبت عندنا ممن قال استخلف غيره وقال الحافظ زين الدين العراقى فى شرح التقريب لم يتخلف علىّ عن المشاهد الا فى تبوك فانّ النبىّ صلى الله عليه وسلم خلفه على المدينة وعلى عياله وقال له يومئذ أنت منى بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبىّ بعدى وهو فى الصحيحين من حديث سعد بن أبى وقاص انتهى ورجحه ابن عبد البرّ واستخلف على العسكر أبا بكر الصدّيق رضى الله عنه فلما ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثنية الوداع متوجها الى تبوك عقد الالوية والرايات فدفع لواءه الاعظم الى أبى بكر ورايته العظمى الى الزبير ودفع راية الاوس الى أسيد بن حضير ولواء الخزرج الى أبى دجانة وقيل الى الحباب بن المنذر بن الجموح فساروا وهم ثلاثون ألفا وفيهم عشرة آلاف من الافراس* وفى المواهب اللدنية أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل بطن من الانصار والقبائل من العرب أن يتخذوا لواء وراية وكان معه ثلاثون ألفا وعند أبى زرعة سبعون ألفا وفى رواية عنه أيضا أربعون ألفا وكانت الخيل عشرة آلاف فرس وتخلف نفر من المسلمين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير نفاق ولا ارتياب منهم كعب بن مالك أخو بنى سلمة ومرارة بن الربيع أخو بنى عمرو بن عوف وهلال بن أمية أخو بنى واقف وفيهم نزل وعلى الثلاثة الذين خلفوا وتخلف أبو ذرّ وأبو خيثمة ثم لحقاه بعد ذلك وسيجىء ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصبح ذا خشب فنزل تحت الدومة* وفى خلاصة الوفاء وذو خشب على مرحلة من المدينة تحت الدومة وكان دليله الى تبوك علقمة بن القعواء الخزاعى فقال صلى الله عليه وسلم تحت الدومة فراح منها ممسيا حيث أبرد وكان فى حرّ شديد وكان يجمع من يوم نزل ذا خشب بين الظهر والعصر فى منزله يؤخر الظهر حتى يبرد ويعجل العصر ثم يجمع بينهما وكان ذلك فعله حتى رجع من تبوك وفى كل منزل نزله اتخذ مسجدا وجميعها معروفة الى مسجد تبوك ثم انّ أبا خيثمة بعد أن سار رسول الله صلى الله عليه وسلم أياما رجع الى أهله فى يوم حارّ فوجد امرأتين له فى عريشين لهما فى حائط له رشت كل واحدة منهما عريشها وبرّدت له فيه ماء وهيأت له طعاما فلما دخل قام على باب العريش ونظر الى امرأتيه وما صنعتا له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الضح والريح والحرّ وأبو خيثمة فى ظلّ بارد وطعام مهيأ وامرأة حسناء
فى ماله مقيم ما هذا بالنصف ثم قال والله لا أدخل على عريش واحدة منكما