حصن بن حذيفة بن بدر الفزارى بالشربة فقال اما ترضى ان تغنم نفسك فرجع نوفل بن معاوية هاربا حتى قدم على أبى بكر الصديق بسوطه وقد كان جمع فرائض فأخذها منه خارجة فردها على أربابها وكذلك فعلت سليم بعرباض بن سارية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه على صدقاتهم فلما بلغتهم وفاة النبىّ صلى الله عليه وسلم أبوا أن يعطوه شيئا وأخذوا منه ما كان جمع فانصرف من عندهم بسوطه وأما أسلم وغفار ومزينة وجهينة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث اليهم كعب بن مالك الانصارى فسلموا اليه صدقاتهم لما بلغتهم وفاته وتأدّت الى أبى بكر فاستعان بها على قتال أهل الردّة وكذلك فعل بنو كعب مع أمير صدقاتهم بشر بن سفيان الكعبى وأشجع مع مسعود ابن رخيلة الاشجعى فقدم بذلك كله على أبى بكر وكان عدى بن حاتم قد حبس ابل الصدقة يريد أن يبعث بها الى أبى بكر اذا وجد فرصة والزبرقان بن بدر مثل ذلك فجعل قومهما يكلمونهما فيأبيان وكانا أحرم رأيا وأفضل فى الاسلام رغبة ممن كان فرّق الصدقة فى قومه فقالا لقومهما لا تعجلوا فانه ان قام بهذا الامر قائم ألفاكم لم تفرّقوا الصدقة وان كان الذى تظنون فلعمرى انّ اموالكم لبأيديكم فلا يغلبنكم عليها احد فسكنوهم حتى أتاهم خبر القوم فلما اجتمع الناس على أبى بكر جاءهم أنه قد قطع البعوث وسار بعث اسامة بن زيد الى الشأم وابو بكر يحرج اليهم وكان عدى بن حاتم يأمر ابنه ان يسرح مع نعم الصدقة فاذا كان المساء روّحها وانه جاء بها ليلة عشاء فضربه وقال ألا عجلت بها ثم راح بها الليلة الثانية فوق ذلك قليلا فجعل يضربه وجعلوا يكلمونه فيه فلما كان اليوم الثالث قال يا بنى اذا سرحتها فصح فى أذنابها وأمّ بها المدينة فان لقيك لاق من قومك أو من غيرهم فقل أريد الكلأ تعذر علينا ما حولنا فلما ان جاء الوقت الذى كان يروح فيه لم يأت الغلام فجعل أبوه يتوقعه ويقول لاصحابه العجب لحبس ابنى فيقول بعضهم نخرج يا أبا طريف فنتبعه فيقول لا والله فلما أصبح تهيأ ليغدو فقال قومه نغد ومعك فقال لا يغد ومعى منكم أحد انكم ان رأيتموه حلتم بينى وبين ضربه وقد عصى امرى كما ترون فخرج على بعير له سراعا حتى لحق ابنه ثم حدر النعم الى المدينة فلما كان ببطن قناة لقيه خيل لابى بكر عليها ابن مسعود وقيل محمد بن مسلمة وهو أثبت عندنا فلما نظروا اليه ابتدروه وما كان معه وقالوا له أين الفوارس الذين كانوا معك قال ما معى أحد قالوا بلى لقد كان معك فوارس فلما رأونا تغيبوا فقال ابن مسعود خلوا عنه فما كذب ولا كذبتم جنود الله معه ولم يرهم فقدم على أبى بكر بثلثمائة بعير وكانت أوّل صدقة قدم بها على أبى بكر* وذكر بعض من ألف فى الردّة انّ الزبرقان بن بدر هو الذى فعل هذا الفعل المنسوب فى هذا الحديث الى عدى بن حاتم فاما ان يكونا فعلاه معا توفيقا من الله لهما وامّا ان يكون هذا مما يعرض فى النقل من الاختلاف* وذكر ابن اسحاق ان عدى بن حاتم كانت عنده ابل عظيمة اجتمعت له من صدقات قومه عند ما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما ارتدّ من ارتدّ من الناس وارتجعوا صدقاتهم وارتدّ بنو أسد وهم جيرانه اجتمعت طى الى عدى بن حاتم فقالوا ان هذا الرجل قد مات وقد انتقض الناس بعده وقبض كل قوم ما كان فيهم من صدقاتهم فنحن أحق بأموالنا من شذاذ الناس فقال ألم تعطوا من أنفسكم العهد والميثاق على الوفاء طائعين غير مكرهين قالوا بلى ولكن قد حدث ما ترى وقد ترى ما صنع الناس* قال والذى نفس عدى بيده لا أحبس بها أبدا ولو كنت جعلتها لرجل من المدلج لوفيت له بها فان أبيتم لا قاتلنكم يعنى على ما فى يديه وما فى أيديهم فيكون أوّل قتيل يقتل على وفاء ذمّته عدى بن حاتم أو يسلمها فلا تطمعوا ان يسب حاتما فى قبره ابنه عدى من بعده فلا يدعونكم غدر غادر الى ان تغدروا فان للشيطان قادة عند موت كل نبى يستخف بها