للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحرب بنفسه حتى ليم فى ذلك ولقد رأيته يوم اليمامة يقاتل أشدّ القتال ان كان مكانه ليتقى حتى يطلع الينا منبهرا ولما تراجع المسلمون وضرس القتال تزمل طليحة بكساء له ينتظر بزعمه أن ينزل عليه الوحى فلما طال ذلك على أصحابه وهدّتهم الحرب جعل عيينة بن حصن يقاتل ويذمر الناس* قال ابن اسحاق قاتل عيينة يومئذ فى سبعمائة من فزارة قتالا شديدا حتى اذا ألح المسلمون عليهم بالسيف وقد صبروا لهم أتى طليحة وهو ملتثم فى كسائه فقال لا ابا لك هل أتاك جبريل بعد ذلك قال يقول طليحة وهو تحت الكساء لا والله ما جاء بعد فقال عيينة تبالك سائر اليوم ثم رجع عيينة فقاتل وجعل يحض أصحابه وقد ضجوا من وضع السيوف* فلما طال ذلك على عيينة جاء طليحة وهو مستلق متشح بكسائه فجبذه جبذة جلس منها وقال له قبح الله هذه من نبوّة ما قيل لك بعد شئ فقال طليحة قد قيل لى ان لك رحا كرحاه وأمرا لن تنساه فقال عيينة أظن قد علم الله أن سيكون لك أمر لن تنساه يا فزارة هكذا وأشار لها تحت الشمس هذا والله كذاب ما بورك له ولا لنا فيما يطالب فانصرفت فزارة وذهب عيينة وأخوه فى آثارها فأدرك عيينة فأسرو أفلت أخوه ويقال أسر عيينة عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لام الطائى فأراد خالد قتله حتى كلمه فيه رجل من بنى مخزوم وترك قتله* ولما رأى طليحة أنّ الناس يؤسرون ويقتلون خرج منهزما وأسلمه الشيطان فاعجزهم هو وأخوه فجعل أصحابه يقولون له ماذا ترى وقد كان أعدّ فرسه وهيأ امرأته النوار فوثب على فرسه وحمل امرأته وراءه فنجابها وقال من استطاع منكم أن يفعل كما فعلت فليفعل ولينج بأهله ثم هرب حتى قدم الشأم وأقام عند بنى جفنة الغسانيين وفى كتاب ابى يعقوب الزهرى انّ طليحة قال لاصحابه لما رأى انهزامهم ويلكم ما يهزمكم فقال له رجل منهم أنا أخبركم أنه ليس منا رجل الا وهو يحب أنّ صاحبه يموت قبله وانا نلقى أقواما كلهم يحب ان يموت قبل صاحبه* وذكر ابن اسحاق أنّ طليحة لما ولى هاربا تبعه عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم وقد كان طليحة أعطى الله عهدا أن لا يسأله أحد النزول الا فعل فلما أدبرنا داه عكاشة يا طليحة فعطف عليه فقتل عكاشة ثم أدركه ثابت فقتله ايضا طليحة ثم لحق بالشأم وقد قيل فى قتلهما غير هذا وهو ما ذكره الواقدى عن عميلة الفزارى وكان عالما بردّتهم انّ خالد بن الوليد لما دنا من القوم بعث عكاشة وثابتا طليعة أمامه وكانا فارسين فلقيا طليحة واخاه مسلمة ابنى خويلد طليعة لمن وراءهما من الناس وخلفوا عسكرهم من ورائهم فلما التقوا انفرد طليحة بعكاشة ومسلمة بثابت فلم يلبث مسلمة ان قتل ثابتا وصرخ طليحة بمسلمة أعنى على الرجل فانه قاتلى فكرّ معه على عكاشة فقاتلاه ثم كرّا راجعين الى من وراءهما وأقبل خالد معه المسلمون فلم يرعهم الا ثابت بن أقرم قتيلا تطؤه المطىّ فعظم ذلك على المسلمين ثم لم يسيروا الا يسيرا حتى وطئوا عكاشة قتيلا فثقل القوم على المطىّ كما وصف واصفهم حتى ما تكاد المطىّ ترفع أخفافها وفى كتاب الزهرى ثم لحقوا أصحاب طليحة فقتلوا وأسروا وصاح خالد لا يطبخن رجل قدرا ولا يسخنن ماء الا أثفيته رأس رجل وأمر خالد بالحظائر أن تبنى ثم أوقد فيها النار ثم أمر بالاسرى فألقيت فيها وألقى يومئذ حامية بن سبيع بن الخشخاش الاسدى وهو الذى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على صدقات قومه فارتدّ عن الاسلام وأخذت أم طليحة أحد نساء بنى اسد فعرص عليها الاسلام فأبت ووثبت فاقتحمت النار وهى تقول

يا موت عم صباحا ... كافحته كفاحا

اذ لم أجد براحا

وذكر الواقدى عن يعقوب بن يزيد بن طلحة أنّ خالدا جمع الاسارى فى الحظائر ثم أصرمها عليهم فاحترقوا وهم أحياء ولم يحرق أحد من بنى فزارة فقلت لبعض أهل العلم لم حرق هؤلاء من بين أهل الردّة فقال بلغت عنهم مقالة سيئة شتموا النبى صلى الله عليه وسلم وثبتوا على ردّتهم* وذكر غير يعقوب أنّ

<<  <  ج: ص:  >  >>