النبل وقبل الرماح وقد صبر المسلمون لهم فكان المعول يومئذ على أهل السوابق ونادى عباد بن بشر يومئذ وهو يضرب بالسيف قد قطع من الجراح وما هو الا كالنمر الجرب فيلقى رجلا من بنى حنيفة كأنه جمل صؤل فقال هلم يا أخا الخزرج اتحسب قتالنا مثل من لاقيت فيعمد له عباد ويبدره الحنفى ويضربه ضربة بالسيف فانكسر سيفه ولم يصنع شيئا وضربه عباد فقطع رجليه وجاوزه وتركه ينوء على ركبتيه فناداه يا ابن الاكارم أجهز علىّ فكرّ عليه عباد فضرب عنقه ثم قام آخر فى ذلك المقام فاختلفا ضربات وتجاولا وعباد على ذلك كثير الجراح فضربه عباد ضربة أبدى سحره وقال خذها وأنا ابن وقش ثم جاوزه يفرى فى بنى حنيفة ضربا فريا فكان يقال قتل عباد يومئذ من بنى حنيفة بالسيف اكثر من عشرين رجلا واكثر فيهم الجراح قال ضمرة فحدّثنى رجل من بنى حنيفة قديم قال انّ بنى حنيفة لتذكر عباد بن بشر فاذا رأت الجراح بالرجل منهم تقول هذا ضرب محرب القوم عباد بن بشر وفى بعض الروايات عن حديث رافع بن خديج قال خرجنا من المدينة ونحن أربعة آلاف وأصحابنا من الانصار ما بين خمسمائة الى اربعمائة وعلى الانصار ثابت بن قيس ويحمل رايتنا أبو لبابة فانتهينا الى اليمامة فننتهى الى قوم هم الذين قال الله تعالى ستدعون الى قوم أولى بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فلما صففنا صفوفنا ووضعنا الرايات مواضعها لم يلبثوا أن حملوا علينا فهزمونا مرارا فنعود الى مصافنا وفيها خلل وذلك انّ صفوفنا كانت مختلطة فيها حشو كثير من الاعراب فى خلال صفوفنا فينهزم أولئك بالناس فيستخفون أهل البصائر والنيات حتى كثر ذلك منهم ثم انّ الله بمنه وكرمه وفضله رزقنا عليهم الظفر وذلك انّ ثابت بن قيس نادى خالد بن الوليد أخلصنا فقال ذلك اليك فناد فى أصحابك قال فأخذ الراية ونادى يا للانصار فتسللت اليه رجلا رجلا فنادى خالديا للمهاجرين فأحدقوا به ونادى عدى بن حاتم ومكنف بن زيد الخيل بطى فثابت اليهما طىّ وكانوا أهل بلاء حسن وعزلت الاعراب عنا ناحية فقاموا من ورائنا غلوة أو اكثر وانما كنا نؤتى من الاعراب قال رافع وأجهضهم أهل السوابق والبصائر فهم فى نحورهم ما يجد أحد مدخلا الا أن يقتل رجلا منهم أو يخرج فيقع فيخلف مقامه آخر حتى أوجعنا فيهم وبان خلل صفوفهم وضجوا من السيف ثم اقتحمنا الحديقة فضاربوا فيها وغلقنا الحديقة وأقمنا على بابها رجلا لئلا يهرب منهم أحد فلما رأوا ذلك عرفوا أنه الموت فجدّوا فى القتال ودكت السيوف بيننا وبينهم ما فيها رمى بسهم ولا حجر ولا طعن برمح حتى قتلنا عدوّ الله مسيلمة* قيل لرافع يا أبا عبد الله أى القتلى كان اكثر قتلاكم أو قتلاهم قال قتلاهم اكثر من قتلانا أحسبنا قتلنا منهم ضعف ما قتلوا منا مرّتين فقد قتل من الانصار يومئذ زيادة على السبعين وجرح منهم مائتان ولقد لاقينا بنى سليم بالجواء وانهم لمجروحون فأبلوا بلاء حسنا قالت نسيبة أم عمارة لقد رأيت عديا يومئذ يصيح بطىّ صبرا فداكم أبى وأمى لوقع الاسل وانّ ابنى زيد الخيل ليقاتلان يومئذ قتالا شديدا وكان أبو خيثمة النجارى يقول لما انكشف المسلمون يوم اليمامة تنحيت ناحية وكأنى أنظر الى أبى دجانة يومئذ ما يولى ظهره منهزما وما هو الا فى نحور القوم حتى قتل وكان يختال فى مشيته عند الحرب شجية ما يستطيع غير ذلك قال وكرّت عليه طائفة من بنى حنيفة فما زال يضرب بالسيف أمامه وعن يمينه وعن شماله فحمل على رجل فصرعه وما ينبس بكلمة حتى انفرجوا عنه ونكصوا على أعقابهم والمسلمون مولون وقد ابيض ما بينهم وبينه فما ترى الا المهاجرين والانصار لا والله ما أرى أحدا يخالطهم فقاموا ناحية وتلاحق الناس فدفعوا بنى حنيفة دفعة واحدة فانتهينا بهم الى الحديقة فأقحمناهم اياها* قال أبو دجانة ألقونى على الترسة حتى أشغلهم وكانوا قد أغلقوا الحديقة فأخذوه فألقوه على الترسة ورفعوها على رؤس الرماح حتى وقع فى الحديقة وهو يقول لا ينجيكم منا الفرار