والسلام لثلاث عشر على ما فى الكشاف وقيل لثمان عشرة ليلة خلت من شهر رمضان بعد الزبور بألف عام ومائتى عام وأنزل الفرقان على محمد صلى الله عليه وسلم لاربع وعشرين أو سبع وعشرين ليلة خلت من شهر رمضان بعد الانجيل بستمائة عام وعشرين عاما واختلف فى كيفية انزاله على ثلاثة أقوال أحدها أنه نزل جملة واحدة فى ليلة القدر من اللوح المحفوظ الى السماء الدنيا وأملاه جبريل على السفرة ثم كان ينزل بعد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم نجوما فى عشرين سنة أو فى ثلاث وعشرين سنة أو خمس وعشرين سنة على حسب الاختلاف فى مدّة اقامته صلى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوّة فقيل عشر وقيل ثلاثة عشر وقيل خمسة عشر ولم يختلف فى مدّة اقامته بالمدينة انها عشر واختلفوا فى وقت ليلة القدر فأكثرهم على انها فى شهر رمضان فى العشر الاواخر فى أوتارها وأكثر الاقوال انها السابعة منها كذا فى الكشاف وهذا أى القول الاوّل أشهر وأصح واليه ذهب الاكثرون ويؤيده ما رواه الحاكم فى مستدركه عن ابن عباس قال أنزل القرآن جملة واحدة الى السماء الدنيا فى ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك فى عشرين سنة قال الحاكم صح على شرط الشيخين* وأخرج النسائى فى تفسيره من جهة حسان بن أبى الاشرس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال فصل القرآن من الذكر أى أمّ الكتاب وهو اللوح الى بيت العزة فى السماء الدنيا جملة واحدة واسناده صحيح وحسان بن أبى الاشرس وثقه النسائى وغيره* والقول الثانى انه نزل الى السماء الدنيا فى عشرين ليلة قدر من عشرين سنة وقيل فى ثلاث وعشرين ليلة قدر من ثلاث وعشرين سنة وقيل فى خمس وعشرين ليلة قدر من خمس وعشرين سنة نزل فى كل ليلة قدر انزاله فى كل سنة ثم ينزل بعد ذلك منجما فى جميع السنة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا معنى قول بعض العلماء كان ينزل من القرآن فى كل ليلة قدر من السنة الى السنة ما يكفيه الى مثلها من القابل وكان جبريل ينزل فى ليلة القدر من السماء السابعة الى بيت العزة فى السماء الدنيا ثم ينزل عليه من السماء الدنيا بحسب المصالح والوقائع الى ليلة القدر من قابل واذا كان ليلة القدر من قابل أنزل عليه مثل ما أنزل فى ليلة القدر التى قبلها وبهذا أى بالقول الثانى قال مقاتل والامام أبو عبد الله الحليمى فى المنهاج والماوردى فى تفسيره* والقول الثالث أنه ابتدئ انزاله فى ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك منجما فى أوقات مختلفة من سائر الاوقات وبهذا أى بالقول الثالث قال الشعبى وغيره* واعلم أنه اتفق أهل السنة على أن كلام الله منزل واختلفوا فى معنى الانزال فقيل معناه اظهار القرآن وقيل ان الله أفهم كلامه جبريل وهو فى السماء وهو عال من المكان وعلمه قراءته ثم جبريل أدّاه فى الارض وهو يهبط فى المكان وذكر النيسابورى فى تفسيره كلم الله جبريل بالقرآن فى ليلة واحدة وهى ليلة القدر فسمعه جبريل وحفظه بقلبه وجاء به الى السماء الدنيا الى الكتبة فكتبوه ثم نزل على محمد صلى الله عليه وسلم بالنجوم أى الاوقات قال الزركشى فى البرهان فى التنزيل طريقان أحدهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انخلع من صورة البشرية الى صورة الملكية وأخذه من جبريل والثانى أن الملك انخلع الى البشرية حتى يأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم منه والاوّل أصعب الحالين ونقل بعضهم عن السمرقندى حكاية ثلاثة أقوال فى أن المنزل على النبى صلى الله عليه وسلم ما هو أحدها أنه اللفظ والمعنى وان جبريل حفظ القرآن من اللوح المحفوظ ونزل به وذكر بعضهم أن احرف القرآن فى اللوح المحفوظ كل حرف منها بقدر جبل قاف وان تحت كل حرف معان لا يحيط بها الا الله وهذا معنى قول الغزالى ان هذه الاحرف سترة لمعانيه والثانى أنه انما نزل جبريل عليه الصلاة والسلام بالمعانى خاصة وأنه صلى الله عليه وسلم علم تلك المعانى وعبر عنها بلغة العرب وانما تمسكوا بقوله تعالى نزل به الروح الامين على قلبك والقول
الثالث أن جبريل عليه السلام انما ألقى عليه المعنى وانه عبر بهذه الالفاظ