للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على المدينة فان حاربوك فحاربهم فان ظفرت بهم فأبحها ثلاثا فسار مسلم حتى بلغ المدينة فنزل الحرّة بظاهر المدينة بمكان يقال له حرّة واقم فخرج أهل المدينة وعسكروا بها وأميرهم عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة بن أبى عامر الراهب فدعاهم مسلم ثلاثا فلم يجيبوه فقاتلهم فغلب أهل المدينة وانهزموا وقتل أمير المدينة عبد الله بن حنظلة وسبعمائة من المهاجرين والانصار وقتل منهم معقل الاشجعى وعبد الله بن يزيد المازنى مع عبد الله بن حنظلة الغسيل وهؤلاء من الصحابة ودخل مسلم المدينة وأباحها ثلاثة أيام وذلك فى آخر سنة ثلاث وستين* وفى شفاء الغرام قتل من أولاد المهاجرين ثلثمائة نفر وجماعة من الصحابة وكانت الوقعة بمكان يقال له حرّة واقم كما سبق لثلاث بقين من ذى الحجة سنة ثلاث وستين من الهجرة ثم سار مسلم الى مكة لقتال ابن الزبير ولما كان بالمشلل مات ودفن بثنية المشلل ثم نبش وصلب هناك وكان يرمى كما يرمى قبر أبى رغال دليل أبرهة المدفون بالمغمس والمشلل على ثلاثة اميال من قديد بينهما خيمتى أم معبد وقيل مات بثنية هرشى بفتح أوّله وسكون ثانيه مقصورة على وزن فعلى هضبة ململمة فى بلاد تهامة لا تنبت شيئا على ملتقى طريقى الشأم والمدينة وهى من الجحفة يرى منها البحر والطريق من جنبتيها كذا فى معجم ما استعجم* قال الشاعر

خذا بطن هرشى أوقفاها فانه ... كلا جانبى هرشى لهنّ طريق

ومات مسلم بن عقبة بعد أن قدّم على عسكره الحصين بن نمير فسار الحصين بالعسكر حتى بلغ مكة لاربع بقين من المحرّم سنة أربع وستين وقد اجتمع على ابن الزبير أهل مكة والحجاز وغيرهم وانضم اليه من انهزم من أهل المدينة وكان قد بلغه خبر أهل المدينة وما وقع لهم مع مسلم هلال المحرم سنة أربع وستين مع المسور بن مخرمة فلحقه منه أمر عظيم واعتدّ هو وأصحابه واستعدوا للقتال وقاتلوا الحصين أياما وتحصن ابن الزبير وأصحابه فى المسجد حول الكعبة وضرب أصحاب ابن الزبير فى المسجد خياما ورفافا يكتنون بها من حجارة المنجنيق ويستظلون بها من الشمس وكان الحصين بن نمير على أبى قبيس وعلى الاحمر وكان يرميهم بالحجارة وتصيب الحجارة الكعبة فوهنت* وفى الوفاء حاصر مكة أربعة وستين يوما جرى فيها قتال شديد ودقت الكعبة بالمجانيق يوم السبت ثالث ربيع الاوّل وأخذ رجل قبسا فى رأس رمح فطارت به الريح فاحترق البيت* وفى أسد الغابة فى هذا الحصر احترقت الكعبة واحترق فيها قرن الكبش الذى فدى به اسمعيل بن ابراهيم الخليل وكان معلقا فى الكعبة ودام الحرب بينهم الى ان فرّج الله عن ابن الزبير وأصحابه بوصول نعى يزيد بن معاوية ومات يزيد فى منتصف ربيع الاوّل سنة أربع وستين وكان وصول نعيه ليلة الثلاثاء لثلاث مضين من شهر ربيع الاخر سنة أربع وستين وكان بين وقعة الحرّة وبين موته ثلاثة أشهر وقال القرطبى دون ثلاثة أشهر وبلغ نعيه ابن الزبير قبل ان يبلغ الحصين وبعث الى الحصين من يعلمه بموت يزيد ويحسن له ترك القتال ويعظم عليه أمر الحرم وما أصاب الكعبة فمال الى ذلك وأدبر الى الشام لخمس ليال خلون من ربيع الاخر سنة أربع وستين بعد ان اجتمع بابن الزبير فى الليلة التى تلى اليوم الذى بلغه فيه نعى يزيد وسأل ابن الزبير أن يبايع له هو ومن معه من أهل الشام على أن يذهب معهم ابن الزبير الى الشام ويؤمّن الناس ويهدر الدماء التى كانت بينه وبين أهل الحرم فأبى ابن الزبير ذلك* وفى حياة الحيوان تحصن منه ابن الزبير بالمسجد الحرام ونصب الحصين المنجنيق على أبى قبيس ورمى به الكعبة المعظمة فبيناهم كذلك اذ ورد الخبر على الحصين بموت يزيد بن معاوية فأرسل الى ابن الزبير يسأله الموادعة فأجابه الى ذلك وفتح الابواب واختلط العسكران يطوفان بالبيت فبينا الحصين يطوف ليلة بعد العشاء اذ استقبله ابن الزبير فأخذ الحصين بيده وقال له سرّ اهل لك فى الخروج معى الى الشام فأدعو الناس الى بيعتك فان أمرهم

<<  <  ج: ص:  >  >>