الغابة وحاصره ستة أشهر وسبع عشرة ليلة على ما ذكر ابن جرير ورمى به أحث الرمى وألحّ عليه بالقتال من كل جانب وحبس عنهم الميرة وحصرهم أشدّ الحصار وكان يرمى بالمنجنيق من أبى قبيس فيصيب الكعبة حجارة المنجنيق لكون ابن الزبير مكتنا بالمسجد* وفى نهاية ابن الاثير أن ابن الزبير كان يصلى فى المسجد الحرام وأحجار المنجنيق تمرّ على أذنه وما يلتفت كانه كعب راتب أى منتصب* وفى زبدة الاعمال وبعض المناسك روى انّ الحجاج بن يوسف نصب المنجنيق على أبى قبيس ورمى الكعبة بالحجارة والنيران حتى تعلقت بأستار الكعبة واشتعلت فجاءت سحابة من نحو جدّة مرتفعة يسمع منها الرعد ويرى فيها البرق واستوت فوق الكعبة والمطاف فأطفأت النار وسال الميزاب فى الحجر ثم عدلت الى أبى قبيس فرمت بالصاعقة وأحرقت منجنيقهم قدر كوّة وأحرقت تحته أربعة رجال فقال الحجاج لا يهولنكم هذا فانها أرض صواعق فأرسل الله صاعقة أخرى فأحرقت المنجنيق وأحرقت معه أربعين رجلا وذلك فى سنة ثلاث وسبعين فى أيام عبد الملك بن مروان فأمسك وكتب بذلك الى عبد الملك ووهى البيت بسبب ما أصابه من حجارة المنجنيق ثم هدم الحجاج بأمر عبد الملك ما زاد ابن الزبير فى الكعبة وبناه* وعن هشام بن عروة قال لما كان قبل قتل ابن الزبير بعشرة أيام دخل على أمّه أسماء وهى شاكية فقال لها كيف تجدينك يا أماه قالت ما أجدنى الاشاكية فقال لها ان فى الموت لراحة فقالت لعلك تمنيته لى ما أحب ان أموت حتى يأتى عليك أحد طرفيك اما قتلت فأحتسبك واما ظفرت بعدوّك فقرّت عينى قال عروة فألتفت الى عبد الله فأضحك ولما كان اليوم الذى قتل فيه دخل على أمّه أسماء فقالت له يا بنى لا تقبلنّ منهم خطة تخاف على نفسك الذل مخافة القتل فو الله لضربة بسيف فى عز خير من ضربة بسوط فى ذلك فأتاه رجل من قريش فقال ألا نفتح لك الكعبة فتدخلها فقال عبد الله من كل شئ تحفظ أخاك الا من حتفه والله لو وجدوكم تحت أستار الكعبة لقتلوكم وهل حرمة المسجد الا كحرمة البيت قال ثم شدّ عليه أصحاب الحجاج فقال عبد الله أين أهل مصر قالواهم هؤلاء من هذا الباب لاحد أبواب المسجد فقال لاصحابه اكسروا أغماد سيوفكم ولا تميلوا عنى قال فأقبل الرعيل الاوّل فحمل عليهم وحملوا معه وكان يضرب بسيفين فلحق رجلا فضربه فقطع يديه فانهرموا وجعل يضربهم حتى أخرجهم من باب المسجد ثم دخل عليه أهل حمص فشدّ عليهم وجعل يضربهم حتى أخرجهم من باب المسجد ثم دخل عليه أهل الاردن من باب آخر فقال من هؤلاء فقيل أهل الاردن فجعل يضربهم بسيفه حتى أخرجهم من المسجد ثم انصرف فأقبل عليه حجر من ناحية الصفا فوقع بين عينيه فنكسر رأسه وفى الصفوة فأصابته آجرة فى مفرقه ففلقت رأسه فوقف قائما وهو يقول
ولسنا على الاعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تفطر الدما
وفى الرياض النضرة ثم اجتمعوا عليه فلم يزالوا يضربونه حتى قتلوه ومواليه جميعا ولما قتل كبر عليه أهل الشام فقال عبد الله بن عمر المكبرون عليه يوم ولد خير من المكبرين عليه يوم قتل وفى الرياض النضرة روى انه لما اشتدّ الحصار بابن الزبير قامت أمّه أسماء يوما فصلت ودعت وقالت اللهمّ لا تخيب عبد الله بن الزبير وارحم ذلك السجود والتحنث والظمأ فى تلك الهواجر وكان قتله يوم الثلاثاء لسبع عشرة أو ست عشرة ليلة خلت من جمادى الاولى سنة ثلاث وسبعين من الهجرة وهو ابن اثنتين أو ثلاث وسبعين سنة كذا أخرجه صاحب الصفوة* وفى أسد الغابة فلم يزل الحجاج يحاصره الى ان قتله فى النصف من جمادى الاخرة سنة ثلاث وسبعين ولم يقتل الا بعد أن لم يبق معه من أصحابه الا اليسير لميلهم عنه الى الحجاج وأخذهم الامان منه وكان ممن فعل ذلك ابناه حمزة وخبيب ولما قتل صلب بعد قتله منكسا على الثنية اليمنى بالحجون وبعث برأسه لعبد الملك