كداء ولا بناء ولا ظل ولا شىء يحول دون ابنه فنظر اليه فأدركه ما يدرك الوالد من الرحمة لولده فقال ربنا انى أسكنت من ذرّيتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرّم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى اليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون* وفى رواية فانطلق ابراهيم حتى اذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه الى البيت بهذه الدعوات* وعن مجاهد لو قال أفئدة الناس لزحمتكم عليه فارس والروم* وفى الكشاف قيل لو لم يقل من لازدحموا عليها حتى الروم والترك والهند* وفى أنوار التنزيل لحجت اليهود والنصارى والمجوس* وفى الاكتفاء ثم انصرف ابراهيم راجعا الى الشام ورجعت أمّ اسماعيل الى ابنها وعمدت هاجر فجعلت عريشا فى موضع الحجر من سمر وثمام ألقته عليه ومعها شنّ فيه ماء* وفى رواية وضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء* وفى الاكتفاء فلما نفد الماء عطش اسماعيل وعطشت أمّه فانقطع لبنها فأخذ اسماعيل كهيئة الموت فظنت أنه ميت فجزعت وخرجت جزعا أن تراه على تلك الحالة وقالت يموت وأنا غائبة عنه أهون علىّ وعسى الله أن يجعل لى فى ممشاى خيرا فانطلقت فنظرت الى جبل الصفا فأشرفت عليه تستغيث ربها وتدعوه ثم انحدرت الى المروة فلما كانت فى الوادى خبت حتى انتهت الى المروة* وفى رواية لما بلغت بطن الوادى غاب الولد عن عينها فرفعت طرف درعها ثم سعت سعى الانسان المجهود حتى جاوزت الوادى ثم أتت المروة فقامت عليها قال ابن عباس قال النبىّ صلّى الله عليه وسلم فلذلك سعى الناس بينهما يعنى صار ذلك من شعائر الحج* وفى الاكتفاء فعلت ذلك مرّات كلما أشرفت على الصفا نظرت الى ابنها فتراه على حاله واذا أشرفت على المروة فمثل ذلك وكان ذلك أوّل سعى بين الصفا والمروة وكان من قبلها يطوفون بالبيت ولا يسعون بين الصفا والمروة ولا يقفون المواقف حتى كان ابراهيم فلما كان الشوط السابع ويئست سمعت صوتا فاستمعت فلم تسمع الا الاوّل فظنت أنه شىء عرض لسمعها من الظمأ والجهد فنظرت الى ابنها فاذا هو يتحرّك فأقامت على المروة ثم سمعت الصوت الاوّل فقالت انى سمعت صوتك فأعجبنى فان كان عندك خير فأغثنى فانى قد هلكت وهلك ما عندى* وفى رواية قالت أيها الذى قد سمعت ان كان عندك غوث فأغثنى وكان الصائت جبريل انتهى فخرج الصوت يصوّت بين يديها وخرجت تتلوه قد قويت له نفسها حتى انتهى الصوت عند رأس اسماعيل ثم بدا لها جبريل فانطلق بها حتى وقف على موضع زمزم فضرب بعقبه مكان البئر فظهر الماء فوق الارض حين فحص بعقبه* وفى الحدائق فبحث بعقبه أو قال بجناحه على شك الراوى وفارت بالرواء وجعلت أمّ اسماعيل تحظر الماء بالتراب وتحوضه خشية أن يفوتها قبل أن تأتى بشنها فاستقت وبادرت الى ابنها فسقته* قال ابن عباس قال النبىّ صلّى الله عليه وسلم يرحم الله أمّ اسماعيل لو تركت زمزم أو قال لو لم تغرف من الماء لكانت عينا معينا* وفى الاكتفاء فشربت فاذا ثدياها يتقطران لبنا فكان ذلك اللبن طعاما وشرابا لاسماعيل وكانت تجتزى بماء زمزم فقال الملك لا تخافى أن ينفد هذا الماء وأبشرى فان ابنك سيشب ويأتى أبوه من الشام فيبنون هاهنا بيتا يأتيه عباد الله من أقطار الارضين ملبين لله جل ثناؤه شعثا غبرا فيطوفون به ويكون هذا الماء شرا بالضيفان الله عز وجل الذين يزورون بيته فقالت فى جوابه بشرك الله بكل خير وطابت نفسها وحمدت الله تعالى وأقبل غلامان من العماليق يريد ان بعيرا لهما ما أخطأ هما وقد عطشا وأهلهما بعرفة فنظر الى طير تهوى قبل الكعبة فاستنكرا ذلك وقالا أنى يكون الطير على غير ماء فقال أحدهما لصاحبه أمهل حتى نبرد ثم نسلك فى مهوى الطير فأبردا ثم تروّحا فاذا الطير ترد وتصدر فاتبعا الواردة منها حتى وقفا على أبى قبيس فنظر الى الماء والى العريش فنزلا وكلما هاجر وسألاها متى نزلت فأخبرتهما وقالا لمن هذا الماء فقالت لى ولا بنى فقالا من حفره فقالت سقانا الله عز وجل فعرفا أن