للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثالث: أن أهل العلم الذين كتبوا في غير الاعتقاد أجمعوا على هذا الشرط، ولم يخالف فيه إلَّا أهل البدع، ومن أهل العلم هؤلاء:

١ - القاضي عياض، قال: «هذه الأحاديث - وما في معناها في هذا الباب - حجَّةٌ أن الخلافة لقريش، وهو مذهب كافة المسلمين وجماعتهم، وبهذا احتجَّ أبو بكر وعمر على الأنصار يوم السقيفة، فلم يدفعه أحدٌ عنه، وقد عدَّها الناس في مسائل الإجماع؟؛ إذ لم يُؤثَر عن أحدٍ من السلف فيها خلاف، قولًا ولا عملًا؛ قرنًا بعد قرنٍ إلَّا ذلك، وإنكار ما عداه، ولا اعتبارَ بقول النظَّام ومَن وافقه من الخوارج وأهل البدع: إنها تصحُّ في غير قريش، ولا بسخافة ضرار بن عمرو في قوله: إنَّ غير القرشي من النبط وغيرهم يقدَّم على القرشي، لِهَوان خلعهِ إذا وجب ذلك؛ إذ ليست له عشيرة تمنعه، وهذا كلُّه هُزء من القول ومخالفةٌ لما عليه السلف وجماعة المسلمين» (١).

٢ - النووي، قال: «هذه الأحاديث وأشباهها دليلٌ ظاهر أنَّ الخلافة مختصَّة بقريش لا يجوز عَقدُها لأحدٍ من غيرهم، وعلى هذا انعقدَ الإجماع في زمن الصحابة؛ فكذلك بعدهم، ومَن خالفَ فيه من أهل البدع أو عرَّضَ بخلافٍ من غيرهم فهو محجوجٌ بإجماع الصحابة والتابعين فمَن بعدهم بالأحاديث الصحيحة» (٢).

٣ - وأقرَّ ابن حجر الإجماع، فقال بعد أن نقلَ الإجماع عن القاضي، وذكر ما يُوهِمُ نقضَه: «فيحتمل أن يقال لعلَّ الإجماع انعقدَ بعد عمر على اشتراط أن يكون الخليفة قرشيًّا أو تغيَّر اجتهادُ عمر في ذلك والله أعلم.

وأمَّا ما احتجَّ به من لم يعيِّن الخلافة في قريش من تأمير عبد الله بن رواحة وزيد بن حارثة وأسامة وغيرهم في الحروب فليس من الإمامة العظمى في شيء بل فيه أنه يجوز للخليفة استنابة غير القرشي في حياته والله أعلم» (٣).


(١) إكمال المعلم بفوائد مسلم (٦/ ٢١٤).
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم (١٢/ ٢٠٠).
(٣) فتح الباري (١٣/ ١١٩).

<<  <   >  >>