للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بني ساعدة، وعند اختلافهم في تولي الأنصار أو المهاجرين، لم يذكروا هذه الأحاديث، فدلَّ على أنها غير معروفة عندهم.

والجواب على هذا من وجهين:

الوجه الأول: إن أبا بكر استدلَّ بأنهم الأمراء، وهذا استدلالٌ بالأحاديث الدالة على ذلك، وليس شرطًا أن يذكر أبو بكر نصَّ نسبته لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فبمجرَّد ذكرِ ذلك على وجه الاستدلال وفي محلِّ النزاع دليلٌ على أنه يستدلُّ بحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وهذا ما فهمهُ القاضي عياض لما قال: «هذه الأحاديث - وما في معناها فى هذا الباب - حجة أن الخلافة لقريش، وهو مذهب كافة المسلمين وجماعتهم. وبهذا احتجَّ أبو بكر وعمر على الأنصار يوم السقيفة، فلم يدفعه أحد عنه» (١).

وقال ابن الجوزي: «ربما ظنَّ ظانٌّ بالأنصار أنهم شكُّوا في تفضيل أبي بكر؛ وليس كذلك، إنما جرَوا في هذا على عادة العرب: وهي أن لا يسود القبيلة إلَّا رجلٌ منها، ولم يعلموا أنَّ حكم الإسلام على خلاف ذلك، فلما ثبت عندهم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الخلافة في قريش» (٢) أذعَنوا له وبايعوه» (٣).

الوجه الثاني: أنه لو كان ما ذكرهُ من اعتراض محتملًا، فإنَّ الأحاديث الصريحة والإجماعات لا تردُّ بهذه الأفهام المحتملة، فإنَّ المنطوق الصريح يقدَّم على المنطوق المحتمل، فكيف إذا كان مفهومًا محتملًا فهو أولى أن يقدَّم عليه المنطوق الصريح.


(١) إكمال المعلم بفوائد مسلم (٦/ ٢١٤).
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ١٨٥).
(٣) كشف المشكل من حديث الصحيحين (١/ ٧١).

<<  <   >  >>