للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاعتراض الخامس:

أن النصوص المذكورة في أنَّ الولاية لقريش أشبَهُ بالأخبار منها بالأحكام، وأنَّ هذا ما فهمه الأنصار.

هذا الاعتراض من العجائب لأوجه:

الوجه الأول: أن ألفاظ الحديث لا تحتمل إلَّا الأحكام والطلب كقوله -صلى الله عليه وسلم-:

«إنَّ هذا الأمر في قريش، لا يُعاديهم أحدٌ إلَّا كبَّه الله على وجههِ ما أقاموا الدين» (١).

الوجه الثاني: أنَّ الجزم بأن هذا فهمُ الأنصار ليس أولَى من الجزم بأنه قد خفيَ عليهم أو لهم تأويلٌ لا نعلمه - هذا تنزُّلًا - وإلَّا فالتأويل الذي ذُكِرَ باطلٌ بالمرة لما تقدَّم في الوجه الأول.

الوجه الثالث: أنهم جهلوه أو تأوَّلوه بتأويلٍ خطأ، ثم رجعوا بدلالة إجماع أهل السنة بعد.

تنبيه:

بعد هذا قد يظن أن أحاديثَ السَّمع والطاعة للحاكم، ولو كان عبدًا حبشيًّا تعارضُ ما تقدَّم ذكرهُ من أنه لا تصحَّ الإمامة إلا لقريش، وقد أجابَ على هذا ابن رجب فقال: «وولاية العبيد عليهم، وفي صحيح البخاري (٢) عن أنس عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قال: «اسمَعوا وأطيعوا، وإن استُعمل عليكم عبدٌ حبشيٌّ، كأنّ رأسه زبيبةٌ».


(١) سبق تخريجه (ص: ١١٠).
(٢) تقدم تخريجه (ص: ٩٥).

<<  <   >  >>