للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الأول:

أنَّ جمعًا من الصحابة خالفوا الحسين بن علي -رضي الله عنهما-، وفي مقدمهم عمر بن الخطاب، ومنهم ابن مسعود وأبو مسعود البدري وحذيفة وأنس -رضي الله عنهم-، ودونكَ هذه الآثار:

قال سويد بن غفلة، قال: «قال لي عمر: يا أبا أمية إني لا أدري لعلِّي أن لا ألقاكَ بعد عامي هذا؛ فاسمَع وأطِعْ وإن أُمِّر عليك عبدٌ حبشيٌّ مجدَّع؛ إنْ ضربكَ فاصبرْ، وإنْ حرمكَ فاصبر، وإنْ أراد أمرًا ينتقصُ دينك فقل: سمعٌ وطاعةٌ؛ ودمي دون ديني؛ فلا تفارق الجماعة» (١)، وهذا حاكمٌ ظالمٌ وأُمر بالصبر عليه.

عن سماك بن الوليد الحنفي أنه لقي ابنَ عباس بالمدينة فقال: «ما يقولُ في سلطان علينا يظلمونا ويشتمونا ويعتدون علينا في صدقاتنا؛ ألا نمنعهُم؟ قال: لا، أعطِهم يا حنفي … وقال: يا حنفي: الجماعةَ، الجماعة، إنَّما هلكَتِ الأممُ الخالية بتفرُّقها، أما سمعتَ قول الله -عز وجل-: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}

[آل عمران: ١٠٣]» (٢).

قال زر بن حبيش: «لمَّا أنكرَ الناس سيرة الوليد بن عقبة بن أبي معيط، فزع الناسُ إلى عبد الله بن مسعود، فقال لهم عبد الله بن مسعود: «اصبروا؛ فإنَّ جَورَ إمامٍ خمسين عامًا خيرٌ من هَرجِ شهر» (٣).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٦/ ٥٤٤) وسنده صحيح.
(٢) تفسير ابن أبي حاتم (٣/ ٧٢٤) وسنده صحيح.
(٣) أخرجه الطبراني في الكبير (١٠/ ١٣٢) وابن عساكر في تاريخه (٦٣/ ٢٤١).
قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (١٤٤١): رواه الطبراني في الكبير بإسناد لا بأس به اهـ.

<<  <   >  >>