للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - أما الإمام أحمد:

فقد رأيتُ بعض المعاصرين نسبَ له القول بالخروج، وهذا من العجائب والغرائب، فكلام هذا الإمام في تقرير السمع والطاعة وعدم الخروج على أئمة الجور كثيرٌ للغاية، بل ونقلَ على ذلك إجماع السلف كما تقدم (١).

والذي نسَبَ للإمام أحمد هذا القول اعتمدَ على نقل أبي الفضل التميمي في العقيدة الملحقة بذيل الطبقات (٢)، وذلك في قوله عن عقيدة الإمام أحمد: من دعا منهم إلى بدعةٍ فلا تُجيبوه ولا كرامة، وإنْ قدرتُم على خلعهِ فافعلوا.

وهذا النقلُ لا يصحُّ أن يُنسَبَ للإمام أحمد لأربعة أمور:

الأمر الأول: أنه يخالف المشهور المعروفَ عن الإمام أحمد وعن العقيدة التي نقلَها عن السلف، وقد تقدَّم نقلُ بعض ذلك (٣).

الأمر الثاني: أنَّ نَقْل أبي الفضل التميمي لا يُعتمَدُ عليه فيما ينقلُه عن الإمام أحمد؛ لأن روايته عن أحمد منقطعة؛ ولأنه ينقلُها عن أحمد بالمعنى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وكان من أعظَم المائلين إليهم - أي الأشاعرة - التميميون: أبو الحسن التميمي وابنُه وابنُ ابنهِ ونحوهم؛ وكان بين أبي الحسن التميمي وبين القاضي أبي بكر بن الباقلاني من المودَّة والصحبة ما هو معروف مشهور. ولهذا اعتمد الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه الذي صنَّفه في مناقب الإمام أحمد - لما ذكر اعتقاده - اعتمدَ على ما نقلَه من كلام أبي الفضل


(١) تقدم (ص: ٣٩).
(٢) (٢/ ٣٠٥).
(٣) تقدم (ص: ٣٩).

<<  <   >  >>