للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - أما الإمام الشافعي:

فقد رأيتُ بعض المعاصرين نسبَ إليه القول بالخروج معتمدًا على نقل الزبيدي والتفتازاني، وسيأتي الجواب عليهما (١)، مع أن كلام الزبيدي في الخلع لا في الخروج، ومما يدل على أنَّ الإمام الشافعي لا يرى الخروج أمور أربعة:

الأمر الأول: أن هذا لم يثبت عن الإمام الشافعي، ولم ينقله أحد عنه - سوى من تقدَّم - إلَّا ما سيأتي من كلام ابن حزم (٢).

الأمر الثاني: أنَّ من أئمة الشافعية مَنْ حكى الإجماع كالنووي، بل من أئمة السُّنة الشافعية كالمزني حكى إجماعَ السلف على العقيدة التي كتبها؛ فقال فيها:

«والطاعة لأولي الأمر فيما كان عندَ الله -عز وجل- مرضيًّا، واجتناب ما كان عند الله مسخطًا، وترك الخروج عند تعدِّيهم وجَورهم، والتوبة إلى الله -عز وجل- كيما يعطف بهم على رعيتهم» (٣).

ولو كان الشافعي مخالفًا لبيَّن ذلك ولعرَّفه.

الأمر الثالث: أن الشافعي لو كان يقول بهذا القول لبيَّن ذلك أئمة السُّنة وأنكروه، كما أنكرواعلى غيره، فعدم إنكارهم عليه يدلُّ على أنه لم يقل بهذا القول.

الأمر الرابع: أنَّ أئمة السُّنة حكوا الإجماع على عدم جواز الخروج وأنَّه اعتقادُ أهل السنة، ولم يذكروا مخالفة الإمام الشافعي؛ ولو كان مخالفًا لبيَّنوه، فإنَّ للإمام الشافعي وأقواله المنزلة العالية والمكانة الرفيعة بينهم.


(١) سيأتي (ص: ١٨٢).
(٢) ص: ١٧٣.
(٣) شرح السنة (ص: ٨٤).

<<  <   >  >>