للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر الخامس: أنَّ الإمام مالكًا يرى الخارجَ ظالمًا بفعله، لأنه قال: «ينتقمُ الله من ظالمٍ بمثله»؛ فجعل الخارج ظالمًا.

الأمر السادس: أنَّ جمعًا من أئمة المالكية، وبعضُهم أئمةٌ في السُّنة حكوا الإجماعَ على عدم الخروج، ووجوب السمع والطاعة؛ ونسبوا ذلك لمالك، ولو كان مالكٌ مخالفًا لبيَّنوا ذلك.

قال ابن أبي زيد القيرواني: «والسمعُ والطاعة لأئمة المسلمين وكلِّ مَنْ وليَ أمرَ المسلمين عن رضى أو عن غلَبة، واشتدت وطأتهُ من برٍّ أو فاجرٍ فلا يُخرَجُ عليه، جارَ أو عدلَ.

ثم قال: وكلُّ ما قدَّمنا ذكرَهُ فهو قولُ أهل السُّنة وأئمة الناس في الفقه والحديث على ما بيَّناه، وكلُّه قول مالك؛ فمنه منصوصٌ من قوله ومنه معلومٌ من مذهبه» (١).

وتقدم نقلُ كلام ابن بطال المالكي، وأيضًا نقلُ ابن حجر عنه (٢)، وقال ابن عبدالبر المالكي: «وأمَّا أهل الحق وهُم أهل السُّنة فقالوا: هذا هو الاختيار أن يكون الإمامُ فاضلًا عدلًا محسنًا، فإن لم يكن فالصبرُ على طاعة الجائرين من الأئمة أولى من الخروج عليه؛ لأنَّ في منازعته والخروج عليه استبدالَ الأمن بالخوف، ولأن ذلك يحملُ على هِراق الدماء، وشنِّ الغارات، والفساد في الأرض، وذلك أعظمُ من الصبر على جَوره وفسقهِ، والأصولُ تشهد والعقلُ والدينُ أنَّ أعظمَ المكروهَين أَولاهُما بالترك» (٣).


(١) الجامع (ص: ١١٦).
(٢) تقدم (ص: ٤١).
(٣) التمهيد (٢٣/ ٢٧٩).

<<  <   >  >>