للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قال: الفرق الثاني في الخوارج وأهل البدع: أنهم يكفِّرون بالذنوب والسيئات؛ ويترتب على تكفيرهم بالذنوب استحلالُ دماء المسلمين وأموالهم، وأنَّ دار الإسلام دارُ حرب، ودارهم هي دار الإيمان» (١).

وقال: «فمن جعلهم بمنزلة البغاة المتأوِّلين جعلَ فيهم هذين القولين. والصوابُ أن هؤلاء ليسوا من البغاة المتأولين؛ فإنَّ هؤلاء ليس لهم تأويلٌ سائغٌ أصلًا، وإنما هم من جنس الخوارج المارقين، ومانعي الزكاة، وأهل الطائف والخرمية ونحوهم ممَّن قوتلوا على ما خرجوا عنه من شرائع الإسلام» (٢).

وقال: «ومن اعتقد من المنتسبين إلى العلم أو غيره أنَّ قتال هؤلاء بمنزلة قتال البغاة الخارجين على الإمام بتأويل سائغ كقتال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لأهل الجمل وصفين = فهو غالطٌ جاهلٌ بحقيقة شريعة الإسلام وتخصيصه هؤلاء الخارجين عنها. فإنَّ هؤلاء لو ساسوا البلاد التي يغلبون عليها بشريعة الإسلام كانوا ملوكًا كسائر الملوك؛ وإنما هم خارجون عن نفس شريعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسنَّتهِ شرًّا من خروجِ الخوارج الحرورية، وليس لهم تأويل سائغ؛ فإنَّ التأويل السائغ هو الجائزُ الذي يُقَرُّ صاحبه عليه إذا لم يكن فيه جواب، كتأويل العلماء المتنازعين في موارد الاجتهاد. وهؤلاء ليس لهم ذلك بالكتاب والسنة والإجماع ولكن لهم تأويلٌ من جنس تأويل مانعي الزكاة والخوارج واليهود والنصارى» (٣).


(١) مجموع الفتاوى (١٩/ ٧٢).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٨/ ٥٤٨).
(٣) مجموع الفتاوى (٢٨/ ٤٨٦).

<<  <   >  >>