للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمباشرون لفعل الخروج على السلطان أقسام؛ منهم من يكفِّره بكبيرة فيكون خارجيًّا، ومنهم من يخرجُ عليه تديُّنًا لفسقه بلا تكفير، فيبدَّع ويضلَّل ويحذَّر منه وليس خارجيًّا، كما فعل ذلك أئمة السنة كسفيان الثوري والإمام أحمد مع الحسن ابن صالح، بل ونقل الإمام أحمد إجماعَ السلف على هذا.

قال الإمام أحمد: «ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين وقد كانوا اجتمعوا عليه وأقرُّوا له بالخلافة بأيِّ وجهٍ كان بالرضا أو الغلبة، فقد شقَّ هذا الخارجُ عصا المسلمين، وخالفَ الآثار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإن مات الخارج عليه مات ميتةً جاهلية، ولا يحلُّ قتال السلطان، ولا الخروج عليه لأحدٍ من الناس، فمَن فعلَ ذلك فهو مبتدعٌ على غير السنة والطريق» (١).

ومنهم من يخرج لحظٍّ دنيوي، فهؤلاء يقاتَلون؛ لأنهم مفسدون في الأرض، وليس لأنهم خوارج.

قال عرفجة بن شريح الأشجعي، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول: «مَنْ أتاكُم وأمرُكم جميعٌ على رجلٍ واحد، يريدُ أن يشقَّ عصاكُم، أو يفرِّق جماعتكُم، فاقتلوه» (٢).

ودونكَ ما بُيِّن من كلام أهل العلم أنَّ القتال ليس خاصًّا بالخوارج:

قال ابن قدامة: «والخارجون عن قبضة الإمام، أصنافٌ أربعة، ثم قال: الصنفُ الرابع: قومٌ من أهل الحق، يخرجون عن قبضة الإمام، ويرومون خلعَهُ لتأويلٍ سائغ، وفيهم منعةٌ يحتاج في كفِّهم إلى جمعِ الجيش، فهؤلاء البغاة، الذين


(١) أصول السنة (ص: ٤٥).
(٢) سبق تخريجه (ص: ١٦١).

<<  <   >  >>